edu.moe.gov.sa · web viewبعث الله نبيه الكريم رحمة للعالمين،...

21
ر ي خ ل ك ماع ج وى ق ت ل ا) ث+ م( اث ب ل طا عام1427 ه ي ن ا ب ل ا ي س الدرا ل ص ف ل ا

Upload: others

Post on 22-Feb-2020

8 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

التقوى جماع كل خيرطالبات ) م+ث (

هـ 1427عام الفصل الدراسي الثاني

التقوى جماع كل خير

الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن الذ ب��ه وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن ال إل��ه إال الل��ه وح��ده ال ش��ريك ل��ه، واش��هد أن محم��دا عب��ده ورس��وله وحبيب��ه وخليل��ه ومصطفاه، صلى الله وبارك علي��ه، وعلى آل��ه وص��حبه، ومن دع��ا

بدعوته واهتدى بهداه وبعد ... رحم��ة للع��المين، وأعط��اه جوام��ع بعث الله نبي��ه الك��ريم

ووصاياه ما وص��ى الكلم، وخصه ببدائع الحكم، ومن أهم حكمه :"اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة فقد قال به أبا ذر

تمحها وخالق الن��اس بخل��ق حس��ن" رواه الترم��ذي وق��ال ح��ديث حسن صحيح. وهذه وصية جامعة نافعة، تمثل منهج��ا يس��ير علي��ه المسلم في حياته القي��ام بح��ق الل��ه ال�واجب علي�ه، وأداء حق�وق

العباد التي عليه. وحق الله على عباده أن يعب��دوه ح��ق عبادت��ه، ويتق��وه ح��ق

تقاته. التي هي وصية الله للخل��ق أجمعين، أولهم وآخ��رهم: [.131]النساء:

وق��د ذكره��ا الل��ه في كتاب��ه في م��واطن كث��يرة منه��ا قول��ه [4 ]الطالق: تع�الى:

[� 231 ]البقرة:

والحرمات ـ[ 24]البقرة: هر الحرام هر الحرام بالش الش قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم

194البقرة: واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين

[.203]البقرة: فك��انت وص��يته ألص��حابه، ب��ل وق��د اهتم به��ا رس��ول الله

وألمت��ه جميع��ا، فلم��ا خطب في حج��ة ال��وداع ي��وم النح��ر أوص��ى بتقوى الله، وبالسمع والطاعة ألئمتهم، ولما وعظ الناس موعظة

بليغ��ة ق��ال ل��ه أص��حابه: كأنه��ا موعظ��ة م��ودع، فأوص��نا. ق��ال وقال:رواه أبو داود والترمذي:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة"

قال: جاء رجل إلى رسول حديث حسن صحيح. عن أبي هريرة يريد سفرا. فقال: يا رس��ول الل��ه أوص��ني. ق��ال: "أوص��يك الله

رف"، فلم��ا مض��ى، ق��ال: "اللهم بتقوى الله والتكبير على كل ش��ــال: حــديثأزو له األرض وهون عليه الس��فر" ــاكم وق ــان والح رواه ابن حب

صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

كان الس��لف وتأسيا بالقرآن الكريم واقتداء بالنبي الكريم الصالح رضوان الله عليهم يتواصون بها، قال أب��و بك��ر الص��ديق

في خطبته: أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا اإللحاف بالمسألة،

أثنى على زكريا وأهله بيته فق��ال: فإن الله[.90]األنبياء:

ابن��ه عب��د الل��ه، فق��ال: أم��ا بع��د: ف��إني إلى وكتب عمر أوصيك بتقوى الله عز وج��ل، فإن��ه من اتق��اه وق��اه، ومن أقرض��هجزاه، ومن شكره زاده، واجعل التقوى نصب عينيك وجالء قلبك. وقد كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى رجل: )أوصيك

التي ال يقبل غيرها، وال ي��رحم إال أهله��ا، وال يثبت إال بتقوى الله عليها، فإن الواعظين به��ا كث��ير والع��املين به��ا قلي��ل، جعلن��ا الل��ه

وإياك من المتقين(.جعلنا الله وإياكن من المتقين بمنه وكرمه.

معنى التقوى : قال ابن رجب رحمه الل��ه: وأص��ل التق��وى أن يجع��ل العب��د بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتق��وى العب��د لرب��ه أن يجعل بينه وبين م�ا يخش��اه من رب�ه من غض��به وس�خطه وعقاب�ه

وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه". وقد سئل أبو هريرة عن التقوى فقال ه��ل أخ��ذت طريق��ا

ذا شوك؟ قال: نعم. قال: فكيف صنعت؟ ق��ال: إذا رأيت الش��وك عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه، قال: ذاك التقوى، وهكذا إذا خاف المرء من شيء جعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تبعده عن��ه، كما تتقي حرارة الشمس بالظل. وأخذ هذا المع��نى ابن المعتم��ر

فقال :ف��ه���وخل الذنوب صغيرها وكبيره����ا

الت���ق�������ييحذرواصنع كماش فوق الشوك أرض

ما يرى ال تحق������رن صغي��������رة إن

ال��جب���ال من ال���ح���صى وقال الحسن: )المتقون اتقوا ما ح��رم الل��ه عليهم وأدوا م��ا

افترض الله عليهم(. وقال عمر بن عبد العزيز: )ليس تقوى الله بصيام النهار وال بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك؛ ولكن تقوى الله ترك ما حرم

الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خ��يرا فه��و خ��ير إلىخير(.

ويدخل في التقوى الكاملة فعل الواجبات وترك المحرم��ات والش��بهات وربم��ا دخ��ل فيه��ا بع��د ذل��ك فع��ل المن��دوبات وت��رك

المكروهات وهي أعلى درجات التقوى ق��ال الل��ه تع��الى:

[.5-1 ]البقرة:

والتق��وى ال تكم��ل إال بمراقب��ة النفس عن التقص��ير ب��أداء الواجبات وترك المحرمات والمنهيات والبع��د عن ظلم العب��اد في

: "ات��ق الل��هدمائهم وأعراضهم وأموالهم، ولهذا قال رسول الله حيثما كنت" فمراده في السر والعالنية حيث يراه الناس وحيث ال يرونه. فيستشعر دائما قرب الل��ه من��ه واطالع��ه علي��ه فيس��تحيي من نظره إليه، فمن علم أن الله يراه حيث كان وأنه مطل��ع على باطنه وظاهره وسره وعالنيته واستحضر ذل��ك في خلوات��ه أوجب له ذلك ترك المعاصي في السر وهو عالم�ة كم��ال اإليم�ان، وإلى

ه�ذا المع�نى أش�ار الل�ه س�بحانه في الق�رآن بقول�ه: [.1]النساء:

وال تتم التقوى وال ترسوا قواعدها إال على أساس م��تين من العلم الن��افع الم��وروث عن الرس��ول المبع��وث باله��دى والرحم��ة

ال خير إال دل األمة عليه، وال شر إال حذرها منه. ولقد حث فإنهأمته على تعلم العلم وتفهمه والعمل به. رسول الله

كيف نكون أتقياء : في حركاتن��ا وس��كناتنا – أن نستشعر مراقبة الله دائما :1

في س��رنا وعالنيتن��ا في أقوالن��ا وأفعالن��ا، وأن نك��ون في الخل��وة والجلوة سواء. وأن نتذكر دائما قول الحق تب��ارك وتع��الى:

يعلم ما بين وأنه مطلع على كل شيء [.7]المجادلة: ـ[ 255]البقرة: أيديهم وما خلفهم

[.59 ]األنعام: ويعد الصدق في التقوى أن يستوي عند العبد تقاه في سره

الطوي��ل: )ق��ال م��ا وعالنيت��ه. وق��د ج��اء في ح��ديث جبريل

اإلحسان؟ قال: أن تعبد الل��ه كأن��ك ت��راه ف��إن لم تكن ت��راه فإن��ه . والمراقبة علم القلب بقرب الرب عز وجل،صحيح البخارييراك(.

وعلى قدر استشعار العبد مراقبة الله لن يكون خوفه منه، وعلىقدر خوفه منه يكون رجاؤه فيه.

وقد قيل: "اتق الله أن يكون أه��ون الن��اظرين إلي��ك". ومن أض��ل ممن أبدى للناس صالح عمله وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من

حبل الوريد!! وق��د ع��اب الل��ه س��بحانه على ق��وم لم يق��دروا ه��ذه[.16]ق:

المراقبة واالطالع ح��ق ق��دره، فق��ال س��بحانه: [.14]العلق:

وقد كان من وص��ايا بعض ال��واعظين: )أوص��يك بتق��وى الل��ه الذي هو نجيك في سريرتك، ورقيب��ك في عالنيت��ك، فاجع��ل الل��ه من بالك على كل حال: في ليلك ونهارك، وخف الل��ه بق��در قرب��ه

منك وقدرته عليك(. خلوت ولكن ق���ل عليإذا ما خلوت الدهر يوما فال تقل

رقيب وال أن ما يخفىوال تحسبن الل��ه ي��غ��ف��ل س��اع����ة

عليه يغيب – أن نعلم عاقبة المعاصي وشؤمها على صاحبها وعلى غيره :2

قال ابن القيم رحمه الله: )فمما ينبغي أن يعلم أن ال��ذنوب والمعاصي تضر، وال شك أن ضررها في القلوب كض��رر الس��موم في األب��دان، على اختالف درجاته��ا في الض��رر، وه��ل في ال��دنيا

واآلخرة شرور وداء إال سببه الذنوب والمعاصي؟(. ومن تأم��ل آي��ات الق��رآن الك��ريم وم��ا ورد في��ه من أخب��ار األقوام الس��ابقة ت��بين ل��ه كي��ف ك��انت عاقب��ة المعاص��ي، فعن��دما عصى إبليس ربه أخ��رج من ملك��وت الس��ماء وط��رد ولعن وب��دل بالقرب بعدا وبالرحم�ة لعن��ة وبالجن��ة ن�ارا تلظى، فق�د ه��ان على

الله غاية الهوان. وكذلك قوم عاد لما عص��وا س��لط الل��ه عليهم ال��ريح العقيم حتى ألقتهم صرعى كأعجاز نخل خاوية. وقوم هود أرسلت عليهم الصيحة، وقوم لوط لما عصوا قلبت عليهم ق��ريتهم فك��ان عاليه��ا س��افلها وغ��يرهم من األمم الس��ابقة ال��تي عص��ت فأهلكه��ا الل��ه

سبحانه. هذا باإلضافة إلى ما للمعصية من شؤم وآثار قبيح��ة مض��رة

بالقلب والبدن في الدنيا واآلخرة، ومنها :أ – نقص البركات وحرمان الخيرات :

فالمعاص��ي تح��رم اإلنس��ان برك��ة ال��دين وال��دنيا، فالعاص��ي يحرم العلم الشرعي النافع ال��ذي يحت��اج إلي��ه في معرف��ة أحك��ام

دينه، مع حرمانه االنتفاع به في حياته. :"إن العبد ليحرم الرزق بالذنب وكذلك يحرم الرزق، قال

ــد،يصيبه" وله��ذا قي��ل التق��وى مجلب��ة لل��رزق، والمعاص��يرواه أحممجلبة للفقر.

ويحرم كذلك بركة العمر فليست سعة الرزق وطول العم��ر بالكثرة ولكن بالبركة فيه. ومن أعظم الحرمان حرم��ان الطاع��ة؛ فينقطع بالذنب عن طاعات كث��يرة ك��ل واح��دة منه��ا خ��ير ل��ه من الدنيا وما عليها. وهذا كرج��ل أك��ل أكل��ة أوجبت ل��ه مرض��ا ط��ويال

منعه من عدة أكالت أطيب منها . وإذا حرم اإلنسان الطاعة وقعت له وحشة في القلب تكون بينه وبين الله ال يوازيها وال يقاربها لذة أصال ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأس��رها؛ فيش��عر بظلم��ة ال��ذنب في وجه��ه وقلب��ه، ويص��بح صدره ضيقا حرج��ا، فيص��يبه الهم والغم م��ع م��ا ه��و في��ه من ل��ذة

المعص��ية، وق����د ق����ال تع��الى: ــه: ق��ال ابن القيم رحم��ه الل��ه:[.124]طـ

)وحياة اإلنسان بقلبه وروحه وال حي��اة لقلب��ه إال بمعرف��ة ف��اطره ومحبته وعبادته، واإلناب��ة إلي��ه والطمأنين��ة ب��ذكره واألنس بقرب��ه، ومن فقد هذه الحياة فقد فقد الخ��ير كل��ه، ول��و تع��وض عنه��ا بم��ا تعوض به في ال��دنيا، ب��ل ليس��ت ال��دنيا بأجمعه��ا عوض��ا عن ه��ذه

الحياة(. ولو لم يكن في ترك الذنوب إال حرزا من وقوع تلك الظلمة

والوحشة لكان حريا بالعاقل تركها.الحرامتفنى اللذاذة ممن نال ل��ذت���ها من

ويبقى اإلثم والعار ال خير في لذةتبقى عواقب سوء من مغبتها

من بعدها النارب – كثرة الهموم وتسلط الغموم :

فمن كثرت ذنوبه ضاقت علي��ه نفس��ه، وك��ثر خوف��ه ورعب��ه. فمن عص��ى الل��ه انقلبت مآمن��ه مخ��اوف، وبالمقاب��ل الطاع��ة وت��رك المعاصي حص��ن الل��ه األعظم ال��ذي من دخل��ه ك��ان من اآلم��نين. حيث تنقلب مخاوفه أمن��ا، فمن خ��اف الل��ه آمن��ه من ك��ل ش��يء،

ومن لم يخ��اف الل��ه أخاف��ه الل��ه من ك��ل ش��يء،

[.82]األنعام: ج – من آثار المعاصي تعسير األمور:

فال يتوجه ألمر إال ويجده مغلقا دون��ه أو متعس��را علي��ه، وق��د بين الله سبحانه في كتابه أن التقوى وت��رك المعاص��ي س��بب لتف��ريج الكرب وتيسير األمور، والمعاصي سبب لحلول النقم والمص��ائب، فما رفعت عن العب��د نعم��ة إال بس��بب ذنب وال حلت ب��ه نقم��ة إال

بذنب. ق��ال تع��الى: [.30]الشورى:

د – من عقوبات المعاصي وآثارها على المرء : أنه��ا تض��عف ج��ذوة الغ��يرة على حرم��ات الل��ه فال يب��الي

العاصي بما انتهك من حرمات الله والمعاصي تؤثر على المرء حتى تذهب حي��اءه[.32 ]الحج:

الذي هو م��ادة حيات��ه: فال يس��تحي أن يعص��ي الل��ه في س��ره، ثم يتدرج في ذه��اب الحي��اء ح�تى ي�ؤدي ب�ه إلى أن يج��اهر بمعص�يته

:"ك��ل أم��تي مع��افى إال المج��اهرين وإن وينسى قول الرس��ول من المجاهرة أن يعمل الرجل باللي��ل عمال ثم يص��بح وق��د س��تره الله فيقول يا فالن عملت البارحة كذا وكذا وقد ب�ات يس��تره رب��ه

رواه البخاري.ويصبح يكشف ستر الله عنه" فتأملي أخيتي هذه العقوبات ال��تي رتبه��ا الل��ه س��بحانه على ال��ذنوب واعملي إلى ع��دم وص��ولها إلي��ك واجعلي ذل��ك داعي��ا

لنفسك إلى هجرانها والعمل بتقوى الله سبحانه. – أن نتعلم كيف نقاوم هوانا ونتغلب عليه :3

فالمسم البد أن يغ��الب ه��واه ابت��داء من معالج��ة خ��واطره. فإذا الحت في نفس�ه خ��اطرة من معص��ية أو ش��ر طرده��ا وداف��ع هواه، وداوم على ذلك باالستعانة بالل�ه تع��الى والتع��رض ألس�باب مرضاته والتجاء القلب إلي��ه، وإش��غال ال��وقت بالطاع��ات، والبع��د عن كل ما يث��ير النفس وي��دعوها إلى ارتك��اب المعاص��ي، فجمي��ع المعاص����ي تنش��أ من تقدي����م ه����وى النفس على أوام����ر الل��ه،

ق��ال تع��الى: [.28]الكهف:

– الحذر من مكائد الشيطان:4 إن عداوة الشيطان عداوة قديمة وباقية إلى قي��ام الس�اعة؛

حذرنا الله سبحانه منه��ا فق��ال تع��الى: ــ 6]فــاطر: وبين سبحانه وتعالى لن��ا أن نهاي�ة االس��تجابة للش�يطان[.

ولوع��وده ورود الن��ار وبئس المص��ير وقد جعل لذلك طرقا واساليب يغوي بها ب��ني آدم[.6]فاطر:

فق��ال تع��الى:

وقال أيضا: [ 17-16]األعراف: ومن ه�������ذه[39]الحجـــــــــر:

الوسائل : تزيين الباطل وإظهاره بصورة حسنة، وذلك من ق��ول.1

في الش�يطان لرب�ه: لهم ألزينن أغـويتني بمـا رب قـال

( أجمعين وألغوينهم ]الحجر: (39األرض تزيينه[.39 ومن للباط��ل تس��ميه المعاص��ي بأس��ماء محبب��ة، وتس��مية الطاعات بأس��ماء منف��رة. ق��ال آلدم علي��ه الس��الم:

وقال ابن القيم رحمه الله: )ومن مكاي��ده[.120 ]طه:

أن��ه يس��حر العق��ل دائم��ا ح��تى يكي��ده، وال يس��لم من سحره إال من شاء الله، فيزين له الفعل ال��ذي يض��ره حتى يخيل إليه أنه من أنفع األشياء، وينفره من الفعل

الذي هو أنفع األشياء له، حتى يخيل له أنه يضره(. الت��درج في اإلض��الل: فيعم��ل على أن ي��ترك الم��رء.2

الطاع��ة خط��وة خط��وة، ويوقع��ه في الض��الل ب��ترك الواجب وفع��ل المحظ��ور بالت��درج . ولق��د ح��ذرنا الل��ه سبحانه من خطوات الشيطان وحيله فقال تع��الى :

يطان ومن يا أيها الذين آمنوا ال تتبعوا خطــوات الشــــر يطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنك يتبع خطوات الش ولوال فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحدميع عليم ) اء والله ســ ــزكي من يشــ أبدا ولكن الله ي

21)

ومن خطواته :إش��غاله بالمفض��ول عن الفاض��ل وهي أول خط��وة

للشيطان مع اإلنسان، فيشغله باألعمال األقل ثواباعن األعمال األكثر ثوابا.

أن يلهي اإلنسان عن المفضول بالمباح��ات ال��تي ال ثواب فيها وال عقاب ح�تى تف��وت علي��ه أج��ر قيام�ه

باألعمال الفاضلة.إيقاع��ه في الص��غائر وتحقيره��ا في عين ص��احبها

والتي إذا اجتمعت ربما أهلكته.وال يزال الش�يطان بالعب�د ح��تى يوقع�ه في الكب��ائر

على اختالف أنواعها.تحبب البدع���ة إلي���ه وهي أحب إلى الش���يطان من

الفسوق والعصيان. وم��ن وس��ائ���ل الش��يطان في اإلض����الل الظ��ه����ور.3

ب��م��ظه��ر الن��اص��ح األم��ين لإلنس��ان ــراف: ــ حيث ي����زين لب����ني آدم[.21 ]األعـ

المعصية ثم يتبرأ منه،

[.48]األنفال:

االستعانة بشياطين اإلنس فيستنجد بهم إلغواء الم��رء.4 وص�ده عن عب�ادة الل�ه وح�ده

وق��د ك��ان[.121]األنعـــام: السلف يتخوفون من شياطين اإلنس، فقال مال��ك بن دينار رحم��ه الل��ه: )إن ش��ياطين اإلنس أش��د علي من شياطين الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالل��ه ذهب ع��ني ش��يطان الجن، وش��يطان اإلنس يجيئ��ني فيج��رني إلى

المعاصي عيانا(. استغالل الشيطان قلة علم اإلنس��ان وجهل��ه؛ فالجه��ل.5

ب��اب عظيم لالنح��راف عن ص��راط الل��ه المس��تقيم، وم��دخل من أوس��ع م��داخل الش��يطان على اإلنس��ان فالجاهل يفعل الشر وهو يظنه خيرا، ويبعد نفس��ه عن الخير وهو يحس��به محس��نا؛ وه��ذه خس��ارة عظيم��ة ال

يعالجها إال نور العلم واإليم��ان. ق��ال تع��الى:

[.104-103]الكهف:

يعمل الشيطان على زرع القنوط من رحم��ة الل��ه في.6 نفس العاصي؛ حتى يجعله ييأس من رحمة ربه وربم��ا قال له: ال توبة ل��ك من ذنوب��ك، ح��تى يسترس��ل فيه��ا

وينغمس فيها غاية االنغماس وينسيه قول الله تع��الى:

ــر: فال تقنطي من[53]الزم رحم��ة الل��ه وت��وبي إلي��ه واس��تغفريه مهم��ا عظمت

قال الله: ي��ابن آدم إن��ك م��ا ذنوبك، قال رسول الله دعوتني ورجوت��ني غف��رت ل��ك على م��ا ك��ان في��ك وال أب��الي ي��ابن آدم ل��و بلغت ذنوب��ك عن��ان الس��ماء ثم استغفرتني غفرت لك وال أبالي يابن آدم إنك لو أتيتني بق��راب األرض خطاي��ا ثم لقيت��ني ال تش��رك بي ش��يئا

رواه الترمذي وصححه األلباني.آلتينك بقرابها مغفرة" األمن من مكر الله، حتى يورث ذلك الغفل��ة والته��اون.7

بفعل الصغائر. قال الل��ه تع��الى: ومن مكر الل��ه[99]األعراف:

اس��تدراج العب��د بنعم�تي الص�حة والعافي��ة. ف��إذا أردت الس��المة من كي��د الش��يطان فال ت��أمني مك��ر الل��ه فتسرفي على نفسك بالمعاص��ي وك��وني بين الخ��وف

والرجاء واخشي الله واتقيه. غرس الكبر في نفس العاص��ي؛ فيغم��ط الن��اس وي��رد.8

الحق ويتعاظم نفس��ه وينس��ى عظم��ة خالق��ه، ق��ال :"ال ي��دخل الجن��ة من ك��ان في قلب��ه مثق��ال ذرة من

رواه مسلم.كبر" من وسائل الشيطان لل��دخول إلى نفس ابن آدم حب.9

اإلنسان التباع اله��وى ال��ذي ركب في��ه. وق��د نهى الل��ه سبحانه في كتابه من اتباع الهوى فقال تع��الى

ــ 26]ص: فالش��يطان يتالعب باإلنس��ان عن[

طري��ق اله��وى والش��هوة روي عن إبليس أن��ه ق��ال: )أهلكت العب��اد بال��ذنوب وأهلك��وني باالس��تغفار، فلم��ا رايت ذل����ك أهلكتهم ب����األهواء فهم يحس����بون أنهم

مهتدون فال يستغفرون(. مما يساعد الشيطان للوصول إلى مبتغاه بإبعاد المرء.10

عن الطريق المستقيم تح��بيب ال�دنيا لإلنس�ان وط�ول األم��ل ح��تى ي��ركن إلى ل��ذاتها ومتاعه��ا وه��ذا ي��ورث الغفلة عن ذكر الله والغفلة عن اآلخ��رة وم��ا فيه��ا من

النعيم المقيم

:"موضع سوط في الجنة ، قال[17]السجدة: ــاري.خير من الدنيا وما فيها" أخواتي ... فلنت��قرواه البخ

الله جميعا نتقيه في أنفسنا، وفي أهلين��ا، وفي الن��اسأجمعين.

بعض الفوائد المترتبة على التقوى في الدنيا واآلخرة : وتقوى الله جماع الخيرات، وحصون البركات، فم��ا من خ��ير عاج��ل وال آج��ل، وال ظ��اهر وال ب��اطن إال والتق��وى موص��لة إلي��ه ووسيلة له ودليل عليه، وما من شر عاجل وال آجل، وال ظ��اهر وال باطن، إال والتقوى حرز منه حصين، ودرع منه مكين. فكم للتقوى من ذكر في كتاب الله ، وكم علق عليها من خير، ووعد عليها من

ثواب، وارتبط بها من فالح.أوال : في الدنيا :

إن التقوى سبب لتيسير أمور اإلنسان، ق�ال تع�الى: .1]الطالق: (4ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )

وق�ال تع�الى: [ــ 4[.7-5 ]الليل:

إن التق��وى س��بب لفتح البرك��ات من الس��ماء، ق��ال.2 تع�����الى:

[.96]األعراف: إن التقوى سبب للخروج من المآزق وحص��ول ال��رزق.3

والس��عة، ق��ال تع��الى: [.3-2 ]الطالق:

إن التقوى سبب لوالية الل��ه س��بحانه وتع��الى، فأولي��اء.4 الله هم المتقون، كما قال تع��الى:

ــال: ــ 34]األنف وق��ال تع��الى: [[.19 ]لجاثية:

إنها سبب لص��الح األعم��ال وقبوله��ا ومغف��رة ال��ذنوب،.5ــوا قال تعالى: وا الله وقول يا أيها الذين آمنوا اتقــ

(70قوال سديدا ) وقال أيضا: 71-70 األحزاب : [.27]المائدة:

إن التقوى سبب لني��ل العلم وتحص��يله ق��ال تع��الى: .6ــرة: وهداي��ة الق��رآن ال[.282]البق

تكون لغير ذوي النفوس التقية والقلوب الزكي��ة. ال��تيتتوقى الضاللة، وتتجنب سبل الغواية.

ثانيا : في اآلخرة : إن التقوى سبب للف��وز والفالح، ق��ال تع��الى: .1

[.52]النور: إنها سبب للنج��اة ي��وم القيام��ة من ع��ذاب الل��ه، ق��ال.2

تع����الى: وقال تعالى: ـ[ 72-71]مريم:

[.17]الليل: إن المتقين بسبب تقواهم يكونون ف��وق ال�ذين كف��روا.3

ي��وم القيام��ة في محش��رهم ومنش��رهم ومس��يرهم وم��أواه��م فاست�ق�روا في الدرجات في أعلى عليين،

ق�ال تع�الى: [.212]البقرة:

إنه��ا س��بب في دخ����ول المتقين الجن������ة وذل��ك ألن.4 الجن��ة أع����دت ل��ه��م ق����ال ت��ع��ال����ى:

[، قال تع��الى: 133]آل عمران:

[.65 ]المائدة: أن التق���وى س���بب لع���دم الخ���وف والح���زن وع���دم.5

المساس بالسوء يوم القيام��ة، ق��ال تع��الى: [،61]الزمر:

وقال تعالى: [.63-62]يونس:

إن لهم مقعد صدق عند مليك مقتدر، قال تعالى: .6ــر: -54]القم

55.] فلنتزود أختي الطالبة من التقوى. فهي خير زاد، ولنتواصى بها فهي خير وصية. فاتق الله حيثما كنت. في أي زمان، وفي أي

مك��ان، وعلى أي ح��ال، في س��رك وعالنتي��ك، في نج��واك وفي إعالنك، أن يكون تناجيك بالبر والتقوى، ال تناجيا بالباطل ومخالفة

الحق. ات��ق الل��ه في إخالص��ك في أعمال��ك، فال ينجي��ك إال عم��ل

أخلصته لله، وأردت به وج��ه الل��ه وال��دار اآلخ��رة،

ــود: فال يقب��ل الل��ه إال[،16-15]هـعمال أخلصه عامله لله، وابتغى به وجه الله والدار اآلخرة.

ات��ق الل��ه في ص��التك، ات��ق الل��ه في وض��وئك قب��ل ذل��ك، فأحسن الوضوء وأسبغيه على المكاره، واتق الله في صالتك في أدائه��ا في وقته��ا، وأدائه��ا على الوج��ه المرض��ي من غ��ير إخالل باألركان والواجبات: لتكوني من المصلين حقا. وقد ذك��ر الل��ه من

واتق الل��ه[.23 ]المعارج: صفات أهل الجنة في صيامك، في حفظه وصيانته وقضاء ما عليك من قضاء. وات��ق الله في حجك، واتق الله في الوالدين برا وإحسانا ورفقا وخدمة، واتق الله في األرحام صلة وإكراما، ب��ذال للمع��روف وك��ف األذى، واتق الله في اإلخوة والزميالت تعامال بالحسنى وبعدا عن كل م��ا يوقع العداوة والبغضاء، من غيبة ونميم��ة، ورمي بالبهت��ان، وق��دح في األعراض. واتق الله في أمورك كلها، وفي ك��ل أحوال��ك، ات��ق الله في سمعك وبص��رك وف��ؤادك، وات��ق الل��ه في أي مك��ان، في البيت وفي المدرسة، وفي السوق، وفي كل تصرفاتك وأحوال��ك، فهي حلية المؤمن، يتخلق بها محبة لله وخوفا منه، ورجاء لثواب��ه، أسأل الله أن يجعل��ني وإي��اكن من المتقين، الف��ائزين برض��ا الل��ه

الحائزين على سعادة الدارين.

وفي الختام نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات وآن يلبس��نا لباس التقوى خير لباس وآخر دعوانا أن الحمد لل��ه رب الع��المين

والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين.