chinese soft power and the arabs · 2017. 8. 3. · 6 todd hall, "an unclear attraction: a...

20
* Kadhim Hashim Niama | نعمة كاظم هاشممة الصينية والعربلناع القوة اChinese Soſt Power and the Arabs 27 ة الصينيةلح الجوهريلمصار انتشاسلمية، ا التنمية الّ ن ثمني، ومى النهوض الصي ترتب علهميةليم ذات اقا من بين ا/ الوطن العربيوسط. وأصبح الشرق ا ــعهاّ توسلعالم و في الناعمة القــوة اراتيجية الصين إســتارتض والتنمية الصينيــة. واختســتدامة النهــو ويــة الحي القوةتيجية. ولمقاربةســترا الشــراكة العربية، ومن آلياتهادول اقات بال لتعزيــز العً مقاربــةخرى، القــوى الكبرى ا تقيمهاك التــييزها عــن غيرها من تلائــص تمعمــة الصينيــة خصلنا اداخلية، و فــي الشــؤون التدخل ترمــي إلى العلى، وء شــروط مــن ام تســعى فهــيقات العلية من خــشــر القيــم الصيندفها نثقافــي، بل هري اللحضــاــى الصــراع ا تقــوم عللطابع،عية الناعمة دفا الصينية االقوةقتصادي. وون التعامة والعاسية ادبلومافية واللثقا اتوضيحنــي" وــد الصيــوان "التهدي بعن الغرب يمســخها التــيلمدركاتيــح ا ترمــي إلــى تصح العربية،- دوافع الشــراكة الصينيةّ ية. إنرجيــة الصينلخاســة السياســلمية وأهداف ا اليا النوا جيوبوليتيكيــةنعكاســات ارتــب عليهــاتصاديــة، ومــع ذلــك ت جيواقتها فــي ســوا كمــا في الغرب".يجية "التمحورراتست وسيلةة، فهيراتيجيجيوست ولم العربي.لعاعمة، الصين، النا القوة ا: مفتاحية كلماتChina's economic growth led to a concomitant expansion of its interests across the globe, and the Middle East and North Africa is today vital to the sustainability of that growth. Beijing adopts a "soſt power" approach to its ties with the Arab states whereby it establishes "strategic partnerships". Distinguishing features of China's soſt power approach have included non-intervention in internal affairs; avoidance of a clash of civilizations; non-imposition of its will on smaller powers; the diffusion of Chinese culture through official and public diplomacy; and economic cooperation. Western depictions of the "Chinese menace" have compelled Beijing to defend its peaceful policy aims. e main motivations of China's Arab policies are economic, but have geopolitical and geostrategic repercussions. It is part of China's overall "pivot to the West". Keywords: Soſt Power, China, Arab World. اد.لدولية، جامعة بغدت اسا كز الدرار لسابقية، الرئيس اياسوم السعل اتيجية وال سذ ا أستا* * Professor of Strategy and Political Sciences, Former Head of the Center of International Studies, Baghdad University.

Upload: others

Post on 31-Aug-2020

0 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

27

*Kadhim Hashim Niama | كاظم هاشم نعمة

القوة الناعمة الصينية والعربChinese Soft Power and the Arabs

2727

ترتب على النهوض الصيني، ومن ثم التنمية السلمية، انتشار المصالح الجوهرية الصينية في العالم وتوســعها. وأصبح الشرق األوسط/ الوطن العربي من بين األقاليم ذات األهمية الحيويــة الســتدامة النهــوض والتنمية الصينيــة. واختارت الصين إســتراتيجية القــوة الناعمة مقاربــة لتعزيــز العالقات بالدول العربية، ومن آلياتها الشــراكة اإلســتراتيجية. ولمقاربة القوة الناعمــة الصينيــة خصائــص تميزها عــن غيرها من تلك التــي تقيمها القــوى الكبرى األخرى، فهــي ال تســعى إلمالء شــروط مــن األعلى، وال ترمــي إلى التدخل فــي الشــؤون الداخلية، وال تقــوم علــى الصــراع الحضــاري الثقافــي، بل هدفها نشــر القيــم الصينية من خــالل العالقات الثقافية والدبلوماسية العامة والتعاون االقتصادي. والقوة الصينية الناعمة دفاعية الطابع، ترمــي إلــى تصحيــح المدركات التــي يمســخها الغرب بعنــوان "التهديــد الصينــي" وتوضيح النوايا الســلمية وأهداف السياســة الخارجيــة الصينية. إن دوافع الشــراكة الصينية - العربية، جيوبوليتيكيــة انعكاســات عليهــا تترتــب ذلــك ومــع جيواقتصاديــة، ســواها فــي كمــا

وجيوستراتيجية، فهي وسيلة إلستراتيجية "التمحور في الغرب".

كلمات مفتاحية: القوة الناعمة، الصين، العالم العربي.

China's economic growth led to a concomitant expansion of its interests across the globe, and the Middle East and North Africa is today vital to the sustainability of that growth. Beijing adopts a "soft power" approach to its ties with the Arab states whereby it establishes "strategic partnerships". Distinguishing features of China's soft power approach have included non-intervention in internal affairs; avoidance of a clash of civilizations; non-imposition of its will on smaller powers; the diffusion of Chinese culture through official and public diplomacy; and economic cooperation. Western depictions of the "Chinese menace" have compelled Beijing to defend its peaceful policy aims. The main motivations of China's Arab policies are economic, but have geopolitical and geostrategic repercussions. It is part of China's overall "pivot to the West".

Keywords: Soft Power, China, Arab World. * أستاذ اإلسرتاتيجية والعلوم السياسية، الرئيس السابق ملركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد.

* Professor of Strategy and Political Sciences, Former Head of the Center of International Studies, Baghdad University.

Page 2: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

28 اراأ أ رايأرايأ

مقدمةيقرتن مصطلح القوة الناعمة ومفهومها بجوزيف ناي يف التسعينيات،

ومع ذلك تعود جذور معناه بصورة غري مبارشة إىل كتابات أساتذة

فالقوة الباردة(1). الحرب يف الدولية العالقات يف الواقعية املدرسة

أو بفعل القيام عىل العقاب أو لإلرغام إليها اللجوء يتم الصلبة

العدول عنه مبا يريض الطرف اآلخر. يف حني أن القوة الناعمة تغري

القوة صاحب أجندة مع والتوافق االستجابة عىل وتحث وتقنع

الباردة الحرب بعد الدولية البيئة معطيات ناي ودرس الناعمة.

وحلل عنارصها مثل األيديولوجية والثقافة واملعلومات واملؤسسات

وأمناط الخارجية والسياسة السياسية والقيم والتعليم والتقنية

مصادر جانب إىل الناعمة القوة مصادر من وعدها الدبلوماسية

التقليدية مثل املوقع الجغرايف واملساحة والسكان والقدرات القوة

فيه بحث 1992 يف له كتاب أول وصدر والعسكرية. االقتصادية

القوة. ورأى املبارش الستخدام الطريق غري أو للقوة" الثاين "الوجه

من الكبري املعني ذات املتحدة الواليات مثل دولة وسع يف أن

اآلخرين بجعل أهدافها تبلغ أن والناعمة الصلبة القوة مقومات

راغبني ومنجذبني التباعها وتغيري سلوكهم يف قضايا ومواقف معينة،

ما فعل عن ردعهم أو تريد ما فعل عىل وقهرهم بأمرهم وليس

املوقف أجندة بتشكيل فيه، وكذلك ترغب هي فعله وال يريدون

عالج الذي الثاين كتابه صدر 2002 يف أجندتها(2). مع يتالءم مبا

املتبادلة واالعتامدية العوملة انعكاسات وناقش الناعمة القوة فيه

األمريكية(3). الخارجية السياسة عىل املعلومات وثورة االقتصادية

وبعد الحرب عىل العراق وانتكاس هيبة الواليات املتحدة وسمعتها

وصورتها كتب كتابه الثالث يف 2004 الذي تصدى فيه للدبلوماسية

العامة بوصفها مصدر آلية يف القوة الناعمة والثقافة األمريكية كونها

السياسة ويف الداخلية املامرسة يف السياسية والقيم جاذبية ذات

الخارجية كونها ذات رشعية عاملية تستقيها الدولية(4)، والسياسات

من مبادئ أخالقية(5).

تنتمي بأنها وقيمت ونظرية مفهوما ناي أطروحة وانتقدت

الواليات سياسات عن الدفاع يف الجديدة الليبالية الواقعية إىل

1 J. S. Nye, Bound to Lead, The Nature of American Power (New York: Basic Books, 1990), p. 267.

2 J. S. Nye, The Paradox of American Power: Why the World's Only Superpower Can't Go Alone (New York: Oxford University Press, 2002).

3 J. S. Nye, Soft Power, The Means to Success in World Politics (New York: Public Affairs, 2002).

4 Ibid., p. xii.

5 Nye, The Means to Success, pp. 10 - 11.

زخم فيها تخرس بدأت التي األحادية القطبية مرحلة يف املتحدة

حركتها وعجزها يف مواجهة التحديات ملا بعد خطاب النظام العاملي

الجديد واعرتاض القوى الكبى البازغة عىل نهج الواليات املتحدة يف

الهيمنة. ونعت البعض املفهوم بأنه تجريدي ومصطنع وال يعني عىل

تعميق تحليل مفهوم القوة يف عامل ما بعد الحرب الباردة والتعددية

القطبية(6). مع أن املفهوم يبدو مفهوما إسرتاتيجيا، فهو يف الحقيقة

ولد أنه البعض. ويعاب عليه (املفهوم) "غري إسرتاتيجي"(7) يف نظر

يف مرحلة بداية الجدل حول إشكالية هل أن الواليات املتحدة قادرة

ليست هي هل أم العامل؟ عىل الدويل للنظام صيغتها فرض عىل

عاجزة عن ذلك فحسب بل تتأكل قوتها الشاملة أمام تطورات تؤرش

لنهوض قوى مثل الصني وعودة عافية روسيا والهند(8)؟ كام أنه عمد

بنهجها الثقة وإعادة املتحدة الواليات تجميل صورة إىل عن قصد

وتقديم مشهد مستقبل متفائل(9). ويريد ناي للواليات املتحدة أن

تقود العامل. ويفرس ملاذا ال تنهض بذلك وهي صاحبة مكامن القوة

الناعمة كلها(10). وال يعرتض ناي عىل استخدام الواليات املتحدة القوة

الصلبة يف بعض الحاالت. وسعى إىل جعل أمريكا صاحبة دور القائد

يف العامل ملا لها من مزايا القوة الناعمة األخالقية املتمثلة بالليبالية

استخدام أن السوق. ويرى اإلنسان واقتصاد والدميقراطية وحقوق

املتحدة للواليات ينبغي البعيد للمدى إسرتاتيجية الناعمة القوة

توظيفها بكفاءة، كام أنها ذات قدرة عىل حل مشاكلها. وانتقد مفهوم

القوتني أنه ال يضع خطا فاصال واضحا وجليا بني الناعمة يف القوة

بوصفها موجودة الناعمة القوة بني ناي مييز والناعمة. وال الصلبة

يف القوة الصلبة وأنها ليست طبيعية بل ال مفر من استخراجها منها

األيديولوجية يف أن عىل يشدد ناي أن ومع ناعمة"(11). "بطريقة

والثقافة قوة الجذب فهو يغفل حقيقة ما يقع يف العالقات بني األمم

التي يفيض تصدير األيديولوجية والثقافة إليها إىل النفور منها بل خلق

حاجز العدائية لها. ومل يحمل بعض الدارسني القوة الناعمة عىل أنها

6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International Politics, vol. 3, no. 2 (2010).

7 E. Lock, "Soft Power and Strategy: Developing a Strategic Concept of Power," University of the West of England (2009), accessed on 82017/6/, at:https://goo.gl/xdBzoh

8 J. S. Nye, "Obama's Smart Power," New Perspective Quarterly, vol. 26, no. 2 (2009).

9 J. S. Nye, "Recovering American Leadership," Survival, vol. 15, no. 1 (2008), pp. 55 - 68.

10 J. S. Nye, "Public Diplomacy and Soft Power," Annals of the American Academy of Political and Social Science, vol. 616 (March 2008), pp. 94 - 109.

11 L. Mingiiang, et al, Soft Power, China's Emerging Strategy in International Politics (Lanham: Lexington Books, 2009), p. 11.

Page 3: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

29 القوة الناعمة الصينية والعرب

ناعمة، بل هي امتداد للقوة الصلبة(12). ليست القوة الناعمة عملية

الحالة ففي هذه اآلخرين؛ أو اآلخر من طرف صوب تأثري صادرة

سوف تكون الثقافة والقيم عنارص للقوة الناعمة ال تتعدى أن تكون

آلية "ثقافة استعامرية"(13). وال يصح تعميم فاعلية القوة الناعمة يف

العالقات األمريكية بشعوب العامل كافة. ففي العامل اإلسالمي تنترش

معامل الهوية األمريكية يف الكوكاكوال وماكدونالد والجينز واملوسيقى،

لكنها مل يتولد عنها محبة وود وصدقية للسياسة األمريكية(14). واألكرث

من هذا، إن االحتذاء بالقيم األمريكية وتقليدها ال يعنيان بالرضورة

أنها ذات سحر جذاب(15). ويعتقد الواقعيون أن مجاالت االستخدام

واالنتفاع من القوة الناعمة محدودة وهي ليست البديل من القوة

الصلبة يف السياسة واإلسرتاتيجية األمريكيتني طاملا أن لها قدم السبق

يف القوة الشاملة والفرصة التاريخية(16).

المفهوم الصيني للقوة الناعمةإن معنى القوة الناعمة ليس غريبا عىل الصني. بل له إشارات كثرية

الحاكم بني العالقة إدارة يف والفلسفي السيايس الثقايف إرثها يف

واملحكوم وبني السلطة والدولة والفرد ويف إسرتاتيجية الحرب. فقد

عقول يكسب من هو الناجح الحاكم بأن الكونفشيوسية وعظت

مواطنيه وقلوبهم ومشاعرهم بالفضيلة واملحبة ال بالقوة. وجاء عند

مينشوس (372-289) أن أفضل أساليب الحكم هو حكم ملويك(17).

مل ينشغل الدارسون الصينيون بأطروحة القوة الناعمة التي جاء بها

ناي وتعاملوا معها بحذر بعد أن ترجم كتابه يف 1992. ووردت إشارة

إىل املفهوم 11 مرة يف األعوام 1994 - 2000 ثم ارتفعت إىل 600 مرة

حتى 2009. ويف 1993 كتب وانغ هينغ أول مقالة يف املوضوع وشدد

عىل الثقافة مصدرا رئيسا "إذا كان للبلد ثقافة وأيديولوجية مرغوب

12 Andrey A. Kudryavtser, "A Systemic View of the Soft Power," Working Paper, RSCAS 2014-2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/ziRUfT

13 Takeshi Matsuda, Soft Power and its Perils: US Cultural Policy in Early Post-war Japan and Permanent Dependency (US: Stanford University Press, 2007), p. 47.

14 Nial Fergusen, "Think Again: Power," Foreign Policy (November 2009), accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/XHIzK3

15 Hall.

16 Colin S. Gray, "Hard Power and Soft Power: the Utility of Military Force as Instrument of policy in the 21st Century," US, Strategic Studies Institute (April 2011), at: http://ssi.armywarcollege.edu/pdffiles/pub1059.pdf

17 J. Wang, "Chinese Conception of Soft Power and its Policy Implications, International Conference on China in International Order," Nottingham University (September 2006).

البلد لذلك وليس ... اتباعه تحاول سوف الدول بقية فإن فيهام

تأثريا". وأقل كلفة أكرث التي هي الصلبة القوة استخدام يف حاجة

وسارت عىل خطاه املدرسة الصينية "تتكون القوة الناعمة من أفكار

ومبادئ ومؤسسات وإجراءات سياسية تتفاعل داخل ثقافة األمة وال

ميكن الفصل فيام بينها"(18). وترى املدرسة السياسية أن مصدر القوة

الناعمة يتمثل بعنارص السياستني الداخلية والخارجية وصدقيتها(19).

وتطرق الرئيس جيانغ زمين يف مؤمتر الحزب يف 2002 إىل أن "يف عامل

اليوم تتامزج الثقافة مع االقتصاد والسياسة مام يظهر أن الثقافة لها

مكان ودور مهامن يف التنافس لبناء القوة الوطنية الشاملة"(20). ويف

2006 أكد الرئيس هو جينتاو "أن الزيادة يف املنزلة والنفوذ الدوليني

والعلوم االقتصاد مثل الصلبة القوة يف تتجسد أن ينبغي ألمتنا

والتقنية والدفاع، وكذلك يف القوة الناعمة مثل الثقافة"(21). وتناولت

الوثيقة البيضاء يف السياسة الخارجية يف 2007 القوة الناعمة فرشعت

األبواب أمام البحث يف املوضوع.

محمل عىل املفهوم املاركيس، بالفكر متأثرين الصينيون، ويحمل

أوسع مام عند ناي؛ فال يقترص تطبيقه عىل العالقات بني الدول بل

بني طبقات املجتمع أيضا للرضا بالنظام السيايس واالقتصادي وتأييد

سلطة الحزب. ويدعو البعض إىل استخدام القوة الناعمة يف العالقات

انهيار أن ويرون الصني. نهوض بخصوص لطأمنتها الجوار بدول

السوفيات يعود إىل وهن يف القوة الناعمة. ومواقف الصني يف القوة

عىل لإلقدام واشنطن يعظ الذي ناي عكس عىل دفاعية الناعمة

سياسات، إنه موقف الدفاع عن حملة" التهديد الصيني" والريبة من

عمد. ومن خالل فيها عن والتشكيك سياساتها الصني ومسخ نوايا

القوة الناعمة يكون يف وسع الصني عرض أوجه سياساتها اإليجابية

السنني آلالف حميدة وتقاليد حضاري إرث من النابعة واملرشقة

وبغية احتضان اقرتابها من دول العامل سلميا وعب االقتصاد والثقافة.

وتؤكد السياسة الناعمة الصينية أنها ال تستند إىل موروث استعامري

كذاك الذي للغرب، فهي مل تحتل أرضا ومل تستوطن خارج أراضيها

ومل تخض حروبا، بل أذلتها القوى الكبى لقرن. فالصني تتنافس" ففي

عرص العوملة ليس التنافس بعد اآلن عىل األرض واملوارد واألسواق،

18 B. Glaser & M. Murphy, "Soft Power with Chinese Characteristics," Center For Strategic and International Studies, March 10, 2009, accessed on 82017/6/, at: https://goo.gl/ifxzAi

19 X. Yan & Jin Xu, "A Soft Power: Comparison between China and the United State," Xiandai Guanxi, January 20, 2008.

20 Yiwei Wang, "Public Diplomacy and the Rise of Chinese Soft Power," Annals, AAPSS, March 2008, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/QoqwO8

21 Ibid.

Page 4: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

30 اراأ أ رايأرايأ

بل عىل صوغ القواعد واملبادئ ووضع اإلجراءات والتقاليد يف إدارة

السياسة الدولية"(22)، أي إنه بفن القوة الناعمة وليس سياسة القوة.

توسع البحث العلمي يف مصادر القوة الناعمة إىل أخرى مل يكن لها

نصيب يف دراسات جوزيف ناي، ومن بينها منط التنمية االقتصادية

الصينية والصورة الدولية للصني(23) واملؤسسات االجتامعية العادلة.

الناعمة. القوة دارسو عليها يركز التي القضايا من هي الثقافة

وللصني ثقافة يرضب جذرها يف عمر الزمن، ال تقوم عىل املنافع بل

املبادئ، وهي تطاوع الحداثة دون خرسان الهوية، وتصون االنسجام

يف املجتمع وتتناغم مع حضارات عاملية، وال تهدف إىل دحرها من

معتقد العلوية والرشعية التطبيقية وحق االستبدال، بل هي ثقافة

للصينيني تعود ال الصني ثقافة "إن جينتاو الرئيس يقول عاملية.

"غزو" الصينية الثقافة تحاول وال كافة"، للعامل بل ]...[ وحدهم

ثقافات األمم األخرى، بل بذل "الجهد املشرتك لتحقيق تقدم يف ثراء

ثقايف عاملي"(24). لذلك هناك دعوات من أجل "بث ثقافة الصني عامليا

ألن ذلك سوف يقود إىل الفهم الصحيح والتعاطف وقبول اآلخرين

قوة الصينية هي الناعمة القوة إن أخرى، بعبارة الثقافية"، قيمها

ثقافية ناعمة(25).

إن القيم القومية واملؤسسات هي من مصادر القوة الناعمة الصينية.

تنمو أن استطاعت ولكن النامية. الدول من بأنها الصني وتفتخر

القومية ومؤسساتها. وهي مل قيمها الغربية بفضل القوى وتتخطى

تستعر أو تقلد اآلخرين بل ابتدعت منطها وبرهنت عىل صدقه. ولذا

فلكل أمة هباتها يف ابتكار منطها من قيمها. وال تنصح القيم الصينية

بإمالء طرازها بل تحث عىل بزه قوميا وتدعو إىل مراعاة الهوية القومية

يف الغرب يفعل كام اجتامعية مظامل يشوبها أال بغية التنمية عند

تسويق طراز قيمه(26). يف الطراز الصيني جاذبية ليست لغريه.

إىل تدعو ال فهي ناعمة؛ قوة مصدر الصينية الخارجية والسياسة

وتدعو الوطني الرتاب وحدة وتحرتم السيادة، تنتهك وال التدخل،

22 Malik Leonard, What Does China Think? (New York: Public Affairs, 2009), p. 94.

23 Xin Li & Verner Worm, "Building China's Soft Power of Peaceful Rise," Asian Research Centre, CBS, Copenhagen Discussion Papers, 28, July 2009, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/z2r2hp

24 Borge Bakken, "Norms, Values and Cynical Games with Party Ideology," Copenhagen Journal of Asian Studies, vol. 16 (2006), pp. 106 - 137.

25 Ingrid d'Hooghe, The Limits of China's Soft Power in Europe: Beijing Public Diplomacy Puzzle, Netherland Institute of International Relations, Clingendael (2010), accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/T9qz7h

26 Joshia Cooper Ramo, The Beijing Consensus (London: Foreign Policy Centre, 2004).

الدويل القانون قواعد بتطبيق وتنادي للنزاعات السلمية للحلول

ومبادئ األمم املتحدة وتقف ضد العمل العسكري من طرف واحد

اقتصادية إىل رشاكة وتسعى األخرى، األمم ثقافات احرتام وتساند

القائم الدويل النظام الصني تعارض وال مشرتك. كسب عىل تقوم

بل تدعو إلصالحه، وتعمل من أجل إرساء نظام متعدد األقطاب، ال

هيمنة قوة واحدة. وعولت الصني عىل الدبلوماسية العامة يف بث

الدويل(27)، فقد العام الرأي الخارجية عىل صعيد محاسن سياساتها

قال رئيس الوزراء وين جيابوا "علينا أن منارس الدبلوماسية العامة

بطريقة أكرث فاعلية وتأثريا"(28).

الصين والعربتستهل الوثيقة الصينية تجاه العرب بدالة أساسية من مصادر القوة

الناعمة كام جاءت عند جمهرة دارسيها، إذ تقول يف الجملة األوىل

"ترضب جذور الصداقة بني الصني والدول العربية يف أعامق التاريخ".

أكرث من 2000 سنة". وهو "وعىل مدى باملايض النص ويذكر هذا

ماض ليس كاميض العرب مع األمم األخرى من الفارسية والعثامنية،

اقرتنت التي األوىل العاملية الحرب بعد األوروبية القوى بخاصة

قيم وكلها واالستغالل، والسيطرة واالستعالئية والهيمنة باالستعامر

فارتبطت الصني أما الغرب. إىل العرب ما يجذب فيها ليس سلبية

تعرفها مل التي وبحرا برا الحرير عالقات طريق من خالل بالعرب

الدول األوروبية االستعامرية، إال حني بدأ البتغاليون يبحرون يف بحر

اإلمباطوريات بعد ذلك السادس عرش، وتنافست القرن العرب يف

والروسية واألملانية والبيطانية والفرنسية الهولندية البحرية

للسيطرة عىل األرايض العربية ومواردها. أما الصني فقد حملت عب

هذا الطريق، ولقرون، "السالم واالنفتاح والتسامح والتدارس وتبادل

والقبولية. الجاذبية فيها سحر إيجابية قيم والربح". وهي املنفعة

وترى الوثيقة أنها مل تكن "قيام" عابرة أو نفعية أو استغاللية بل إنها

قيم سائدة يف التواصل بني الجانبني.

جوزيف ويرى الناعمة. للقوة الرئيسة املصادر من هي القيم إن

ناي أن الواليات املتحدة لها مصادر للقوة الناعمة يف قيم "الفردية"

و"التعددية" يف النظام السيايس، و"الدميقراطية" و"حقوق اإلنسان"

و"الرشعية"، األمر الذي يجعلها ذات جاذبية وقبولية عند الشعوب

27 "Manmohan Sing Sees China as a Model for Economic Growth," India Daily (January 2005).

28 Wein Jiabao, "Our Historical Task as the Primary Stage of Socialism and Several Issues Concerning China's Foreign Policy," People's Daily, February 27, 2007, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/WSdMuN

Page 5: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

31 القوة الناعمة الصينية والعرب

األخرى التي ال تتمتع بها. وترى الصني أنها ال يعوزها من القيم التي

قيمها املتحدة عىل الواليات تسبغ فمثلام العرب؛ من فيها تقرتب

الهوية العاملية والشاملة، تعتقد الصني أن قيمها متثل منوذجا لعالقات

دولية يجري فيها التبادل بني الشعوب وفقا لنظام قيم بديل تكون

فيه املساواة والعدالة والرشاكة واالنسجام معايري أخالقية ومبدئية.

وتؤكد الوثيقة أن ما تدعو إليه الصني هو "تيار عاملي" تتجسد فيه

قيم "السالم والتنمية والتعاون" وليس الحروب والنزاعات والخالفات

1648 يف وستفاليا منذ الغريب النظام مع ترافق الذي والتخلف

والذي سعى إىل التوازن من خالل األحالف والتسلح واالستعامر، ومل

"التبعية" سوى بها معرتف منزلة وآسيا أفريقيا لشعوب فيه يكن

عىل "عبئا كانت هذه الشعوب أن يزعم الغرب وكان و"الدونية"

من انطالقا تاريخيا العرب مع الصني تتعامل مل األبيض". الرجل

هذه املقاربة بل رجح عندها مقاربة قيم أخالقية ذات صلة مبارشة

تقدم مل إذ انقطاع، فيها يقع مل والتي الصينية والثقافة بالحضارة

الصني إىل العرب عىل ظهر سفن احتالل ومدافع إرهاب وقمع ودمار،

هي تزال ال أخالقية أسس عىل تقوم ثقافة ظهر عىل جاءت بل

الهادي لعالقات الصني ببقية شعوب العامل كافة. لقد تعامل الجانبان

وال ومساواة". "باحرتام الوثيقة: عليه تنص كام والعريب، الصيني

تدعو الصني يف خطابها للقوة الناعمة إىل أن تصبح قيمها بديال من

قيم الشعوب التي تقيم معها عالقات كذاك الذي يتضمنه الخطاب

الغريب للقوة الناعمة "االسترشاقي" العلوي ثم أصبح خطابا ملنترص

يف تاريخ" نزاع" حضاري و"تضاد" أيديولوجي "حسم فيه األمر نهائيا

وحتميا" ملصلحة الثقافة الغربية وقيمها.

السياسيون واألكادمييون إذ يشدد أن تسود؛ الصينية للقيم يراد ال

الصينيون عىل أن قيمهم هي إرث "اإلنسانية" كافة، وهي ال تنفي

معها تتالقح إمنا وثقافاتها، أخرى شعوب حضارات قيم تلغي أو

"غربية"، هوية من صوغا وليست عاملية، هوية "اإلنسانية" إلثراء

الجدل مجال الغربيني يف الكتاب أغلبية من جدل املرء يفهم كام

الثقايف املقارن الذين يحتفون بنهاية الحرب الباردة وتفكك االتحاد

أو معركة دون أيديولوجيته وهجو السوفياتية والثقافة السوفيايت

إطالق رصاصة.

يقرتب الصينيون يف إسرتاتيجيتهم للقوة الناعمة من العرب بوصفهم

التي لها سجل حضاري وثقافة ذات الثالث العامل أمة من بني أمم

قيم، احتضنت ثقافات عديدة وأصبحت منترشة عىل رقعة جغرافية

واسعة وتأسست لها أبعادها وتقاليدها تاريخيا، كام هي حال الصني.

أن الصني ترمي إىل أن تكون حضارتها ذات نصيب يف تكوين ومع

البرشية" الحضارة لتقدم "دافعا ذلك ترى فهي إنسانية، حضارة

صيني بجهد بلوغه ميكن ال ومثايل نبيل هدف وهو وازدهارها.

فحسب، بل ال مفر من التوسل بجهد أمم أخرى يف هذه "املهمة"

التي تقع عىل عاتق بقية الشعوب أيضا، ولكن الصني يف الوقت نفسه

عىل أتم االستعداد للتعاون من أجل "التكامل والتامزج". ومن هنا

األمتني جهد "توحيد إىل والصينيون العرب يسعى أن من بد فال

الصينية والعربية" يف هذا امليدان يف سبيل حضارة عاملية مشرتكة ال

غلبة فيها لواحدة.

أن إىل يرجع ال الحضارة ركب عن التخلف بأن الصينيون يجادل

بعض الشعوب عاجزة عن السري إليها وفيها، بل ألنها حرمت تاريخيا

أو "أذلت"، وهم يقولون يف خطابهم السيايس إنهم أمة أذلتها القوى

وأصبحت اإلذالل تتخطى أن استطاعت لكنها واليابان، األوروبية

خلفية لها التي الشعوب بقية وتدعو والتنمية، للحداثة صانعة

ثقافية وحضارية، ومنهم العرب، إىل أن تتحول إىل شعوب "فاعلة"

و"صانعة" يف عملية تكون حضاري عاملي للبرشية.

إن "التنوع الحضاري" هو الحقيقة العملية، ولن يكون هذا ممكنا من

دون "مشاركة الدول العربية يف املساعي لتكريس التنوع الحضاري

باب حثهم عىل العرب من الصني خاطبت تكون العامل". وبهذا يف

أصحاب وأنهم الحضاري" "التنوع بلوغ عليهم مسؤولية أن إدراك

دور يف عملية إخراجه إىل الواقع، ويف الوقت نفسه، متد الصني يدها

للعرب من خالل "التواصل اإلنساين والثقايف" الذي هو السبيل األنجع

واألصدق يف تحقيق املشاركة.

وبهذا تعفى الصني، مبقاربتها يف القوة الناعمة املستندة إىل الثقافة،

من االتهام بالدعوة إىل "التبعية" لآلخر ونكران اإلرث الحضاري لألمة

أحد هي العربية الحضارة بأن اعتقادها الصني تؤكد بل العربية،

"روافد" الحضارة العاملية.

أشار شايي جني، نائب وزير الخارجية، إىل أن كال من حضارة الصني

والعرب تتحىل بسامت مشرتكة فيام بينها ال توجد بني بقية الحضارات؛

Page 6: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

32 اراأ أ رايأرايأ

أوال، إن للحضارتني سجال يفتخر فيه بفضل اإلسهام يف تطوير الحضارة

العاملية وإثرائها لقرون. ثانيا، إن تأريخ العالقة بني الحضارتني طويل

العربية والصينية تخطتا عناء األمتني إن ثالثا، ألفي سنة. إىل يرجع

التامزج بهدف والقيم السلع معهام لتحمال والتحديات املسافات

واملنافع. رابعا، تطورت الحضارتان عب التعلم املتبادل جنبا إىل جنب؛

فقد حمل العرب معهم الرياضيات والفلك والجغرافية وعلم اإلبحار

وفن البناء، ونقلت الصني إىل العرب صناعة الورق والتقنية. خامسا، مل

يتولد من متازج الحضارتني "مظامل وذم" سيايس أو حضاري أو ديني،

بل يتضمن تاريخ العالقات بينهام "متجيدا" و"احرتاما متبادال"، وأخريا،

عىل الرغم من اختالف أرضية الحضارتني وبنية مجتمعيهام وتقاليدهام

وأيديولوجيتهام، وقع التامزج من مقاربة املساواة واالحرتام والتعايش

السلمي. ولذلك، مل تعرف الحضارتان النزاعات والحروب(29).

تخاطب الوثيقة العرب خطابا تفاؤليا يفيد بأن حضارتهم مل تنقطع عن

العطاء، ففي وسع العرب أن يحذوا حذو الصني يف أن يكون لهم "حلم"

الصني خالل عقود العربية كام فعلت األمة "إحياء" وأن يسعوا إىل

من الزمن محدودة، مستلهمة مستقبل "حلمها" من حضارتها. ومام ال

ريب فيه أن هذا الخطاب الناعم غري اإلماليئ فيه سحر "النعومة" الذي

يتسلل إىل مشاعر الفئات السياسية العربية وطموحاتها التي كان عىل

عاتقها حمل وزر الحداثة والتقدم والتصنيع وتحقيق الوحدة العربية

منذ عرص الليبالية حتى اليوم.

الدولية السياسة يف املحورية القضايا من والجيو-دين الدين أصبح

والرشق أوسطية عىل وجه الخصوص منذ أحداث 11 سبتمب وما ترتب

عليها من مواقف وسياسات ثنائية وإقليمية ودولية وتشعبت منها

أمور عديدة لتصبح ظاهرة عاملية مثل اإلرهاب. واقرتنت هذه الظاهرة

سياسيا وإعالميا وأكادمييا باإلسالم واإلسالم السيايس والتطرف الديني.

وأقدمت الواليات املتحدة وحلفاؤها عىل غزو أفغانستان والعراق وكان

للعامل الديني وأيديولوجيته دور يف تسويغ حروب التدخل العسكري.

ووجدت الدول العربية والحضارة اإلسالمية العربية نفسها يف موقف

واجتامعية وإعالمية ودينية وسياسية عسكرية حملة ضد الدفاع

واقتصادية. وخالفا لبقية الدول الغربية اقرتبت الصني من العرب يف

هذه املسألة اقرتابا بعيدا عن منهج الرصاع الديني بل يف إطار "الحوار

بني الحضارات ودفع التواصل بني مختلف األديان"، فدعت الوثيقة إىل

"التواصل الديني والدعوة إىل التناغم والتسامح الديني".

تدرك بكني أن اإلسالم أصبح قوة أساسية يف سياسة الرشق األوسط

وغزو 1979 عام اإليرانية اإلسالمية الثورة بعد العريب والوطن

عىل الجدل تصاعد إىل أفىض مام أفغانستان السوفيايت االتحاد

29 Ibid.

اإلسالم السيايس يف السياسة العربية بعدما كان لعقود بعد الحرب

الثانية جدال أيديولوجيا بني العلامنية واالشرتاكية والحداثة العاملية

اإلسالمية الثورة بني جدال املنطقة سياسة وخاضت والتقليدية.

العربية، والوحدوية العلامنية وبني الثورة تصدير ومبدأ اإليرانية

وانترش إثر ذلك إىل السياسة الدولية حني جندت الواليات املتحدة

السوفيايت االتحاد ملحاربة السيايس اإلسالم املنطقة يف وحلفاؤها

وإرهاقه يف" فيتنام إسالمية". وترتب عىل اندراج اإلسالم يف السياسة

الدولية والعامل اإلسالمي والرشق األوسط وتفرع مذاهبه يف املوقف

من الغرب، أن أصبح املوقف الغريب من اإلسالم واملوقف اإلسالمي

من الغرب يقوم عىل قاعدة بناء الصورة عن اآلخر.

واتسعت ظاهرة "أسلمة" الدول اإلسالمية لعالقاتها الرشق أوسطية،

الكبى القوى تأخذ أن إىل بدوره أدى الذي االستقطاب إىل وآلت

مواقف مختلفة من القطبية اإلسالمية بحسب ما متليه عليها مصالحها

كام "أسلمتها"، بعد وتعقدت الدولية العالقات واتسعت الوطنية،

متثل ذلك بالحروب األمريكية - الغربية يف أفغانستان والعراق، لتأخذ

وسياسية واقتصادية باطنيا، الدوافع دينية "حروب صليبية" معاين

وإسرتاتيجية األهداف ظاهريا.

ومن انعكاسات "أسلمة" العالقات الدولية أن القوى التي فيها كيانات

ترابها ووحدة أمنها عىل تخىش باتت إسالمية وإثنية اجتامعية

أيديولوجية تبني الكيانات إىل واستقرارها وتنميتها من تحول تلك

اإلسالم السيايس. وروسيا والصني من أكرث القوى الكبى التي تواجه

وغرب الشيشان يف القومية كياناتها بني السيايس اإلسالم تحديات

الصني، بخاصة يف إقليم سنجان الذي صعد مطالبها السياسية والدينية

ونادى بحق تقرير املصري واالنفصال وليس بالحريات فحسب.

الناعمة القوة سياق يف إسرتاتيجية أدوات مسلميها الصني جعلت

املتحدة، الواليات الدولية، بخاصة مع دفاعيا وهجوميا يف عالقاتها

والدول العربية والعامل اإلسالمي. لذلك فإنها تبنت الوسائل والطرق

لتلميع صورتها يف العامل العريب اإلسالمي وتصحيح الصورة عن الذات

الصينية يف املدرك العريب اإلسالمي، وكذلك يف عرض سياساتها تجاه

املسلمني يف الصني التي ارتسمت يف املدرك العريب بأنها سياسة تقوم

الدينية الحريات وتقييد القوة واستخدام الديني االضطهاد عىل

ووحدة الصينية الهوية أساس عىل املسلمني "أدلجة" ومحاوالت

الرتاب غري القابلة للتقسيم. وتجد الصني نفسها أمام تحديات عصية

أن الداخلية وأساليب معالجتها؛ ذلك يف هذا الجانب من سياستها

يف الصني يف اإلسالمية املناطق يف األحداث يستغل الغريب اإلعالم

العريب مام اإلعالم الصيني" وقد غرف "التهديد الرتويج لحملته يف

يصدر عن اإلعالم الغريب يف قضية سنجان. وتجادل الصني يف مواقف

القوة الناعمة يف هذه املسألة بأن الغرب يهول ما يجري يف داخل

Page 7: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

33 القوة الناعمة الصينية والعرب

وتوجيه الصني إضعاف بهدف إسرتاتيجية سياسية ألغراض الصني

جهدها إىل قضايا داخلية يك ال تتجه إىل الساحات الخارجية بعد أن

حققت ما مل يستطع الغرب تحقيقه يف التنمية. وتعرض الصني صورة

تنميتها بأنها إنجازات الصني كافة وليست محصورة يف فئات معينة،

بلوغ إىل تعمد الصينية الحكومة أن كله ذلك من األهم أن كام

"االنسجام" منطلقة من أرضية حضارية وثقافية وتقاليد تقوم عىل

أهمية االنسجام املجتمعي، ومن ذلك أن تعم منافع التنمية السلمية

أخرى بعبارة والعقيدية؛ اإلثنية الفوارق من الرغم عىل الصينيني

إن سياستها الدينية تتالءم مع رؤيتها التنموية التي من املمكن أن

تكون مرشدا للدول األخرى التي فيها أقليات دينية. يرتبط االنسجام

الداخيل باالنسجام الخارجي بني األديان. والصني من أصلب الداعني

إىل بلوغ ذلك االنسجام.

الغربية املدرستني يف الناعمة للقوة الدارسني جمهرة وتجادل

مصادر بني من والداخلية الخارجية السياسات طرز بأن والصينية

ويف اآلخرين مدرك يف املبارش التأثري وذات الفاعلة الناعمة القوة

بيئة السلوك يف وأمناط الطرز تلك إىل لالنجذاب الجاهزية تحديد

إسرتاتيجية جديدة بعد الحرب الباردة تراجع فيها كفاءة فعل العمل

العسكري وتصاعدت كلفته املادية عىل املدى القريب وتعاظم رضره

عىل املدى البعيد يف العالقات البينية والتعددية. وتنبه الصينيون إىل

ما آلت إليه السياسة الخارجية األمريكية بعد الحرب الباردة مبارشة

وتيرس مجاالت فراغ يف القوة يف أقاليم كثرية منها الرشق األوسط ذو

اليمني بنصائح مدفوعة فهرعت واالقتصادية؛ اإلسرتاتيجية األهمية

مثنا دفعت ولكنها الفرصة، الغتنام الهجوميني والواقعيني املتطرف

تفوقها عىل معولة العامل وقيادة الهيمنة بسط يف اإلرساع مقابل

سوف قيمها أن افرتاض عىل تقوم وقناعة والعسكري االقتصادي

الناعمة القوة أبو ناي جوزيف وحذر العامل. يف بها مرحبني تجد

أرادت التي الصلبة القوة السياسة املستندة إىل السري يف هذه من

بناء نظام عاملي جديد يتالءم مع املصالح األمريكية يف الهيمنة ونصح

الناعمة القوة أمريكا من قدرات لدى ما الناعمة وتسخري باملقاربة

كثرية عقبات وخلق رضر من الخارجية السياسة أصاب ما لرتميم

أمام بلوغ أهدافها.

لقد أفاد الصينيون من خبة الواليات املتحدة يف هذا املجال فركزوا

جهدهم عىل تقديم السياسة الخارجية الصينية بحلة جاذبة موضحني

وشارحني مقاصدها وآلياتها بقدر من الشفافية واالستناد إىل سجلها

األفريقية الشعوب قضايا من ومواقفها الصينية الثورة قيام منذ

بخاصة البناء، ثم االستقالل أجل من النضال مرحلة يف واآلسيوية

السياسة لصدقية معينا أصبحت التي االنحياز عدم حركة قيادتها

الخارجية الصينية.

مستويات؛ ثالثة عىل الناحية هذه يف العرب الوثيقة وتخاطب

الحكومات القامئة، واملنظامت العربية، والشعوب العربية، وجميعا يف

إطار القوة الناعمة ليك يتداخل التأثري ويكون اتجاها رسميا وإعالميا

وشعبيا، عىل الرغم من أن صناعة السياسة الخارجية العربية ال تتأثر

كثريا مبواقف الفئات السياسية والرأي العام.

وتركز الوثيقة عىل املبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية الصينية وتقدم

الشواهد من سجلها سواء عىل صعيد العالقات الثنائية أم اإلقليمية أم

الدولية. وال يكف الساسة الصينيون عن اإلتيان عىل هذه املبادئ يف

بالسياسة الصلة كل محفل وتكررها وسائل اإلعالم والدراسات ذات

العربية. وتحرص الصني عىل أال يكون استقبال هذه املبادئ استقبال

الخطاب السيايس، بل تؤكد أنها املرشدات للسياسة الخارجية الصينية.

وإذا تلكأت الصني يف االستجابة إىل التوقعات من أدوارها فإنها تفرس

ذلك بأن املقيدات عىل حركتها أشد من حرية الحركة لديها، بخاصة يف

املناطق التي فيها نزاعات بينية وداخلية وللغرب فيها مصالح مبارشة

النزاعات. يف التورط الصني تتالىف ولهذا دفاعية. أحالف والتزامات

الثالث، العامل دول بني الصني من إن الصينية اإلعالم وتقول وسائل

وذلك لتعزيز انطباع االنتامء إىل العامل العريب وتشاطر تحديات مشرتكة،

بهدف ترسيخ مدرك وحدة خط رشوع االنطالق يف مواجهة االستعامر

واالستغالل ووحدة خط النهاية يف االستقالل والتنمية والتقدم.

تدرك بكني أن التنمية السلمية أتت بها إىل الوطن العريب مبارشة بعدما

أصبحت املنطقة ذات أهمية كبى يف بلوغ أهداف التنمية الصينية،

ملا متثله من طاقة وسوق واستثامرات. وليك تبتعد الصني عن أن تكون

سياساتها يف املنطقة موازية لسياسات القوى االستعامرية الغربية يف

املدرك العريب كان لزاما عليها أن تودع هذه السياسة يف إطار عقيدي

غري النفعية االقتصادية األنانية والنزعة االستغاللية، وذلك من خالل

توكيد أن السياسة الصينية تجاه الدول العربية ال تعرف االنقطاع الذي

متليه السياسة الواقعية أو النفعية، بل هي حريصة عىل الوفاء للمبادئ

التي اهتدت فيها منذ أن تأسست العالقات العربية - الصينية، والعمل

عىل االرتقاء بها بعد أن نشأت مصالح جديدة مادية وحيوية أكرث مام

ونزع الشعوب االستعامر ودعم مقاومة مثل عقيدية ومطلقة هي

السالح النووي وتقوية دور املنظامت الدولية.

تاريخ يف عربية" تحرير حركات "دعمت الصني بأن الوثيقة تذكرنا

عالقاتها بالعرب مثل الثورة الجزائرية والقضية الفلسطينية. ومع أنها

وقفت مع حركات يسارية يف الخليج العريب وعدن ضد النظم القامئة،

فإن ذلك كان يف إطار التنافس مع االتحاد السوفيايت وبدافع أيديولوجي

مل يبق له من مسوغ(30).

30 Muhamad S. Almit, China and the Middle East since World War II: Bilateral Approach (Lanham and Boulder: Lexington Books, 2010).

Page 8: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

34 اراأ أ رايأرايأ

تتمثل مبادئ السياسة الخارجية الصينية حيال الدول العربية، كام نصت

عليها الوثيقة بـ "االحرتام املتبادل والسيادة الوطنية ووحدة األرايض

وعدم االعتداء وعدم التدخل يف الشؤون الداخلية واملساواة واملنفعة

املتبادلة والتعايش السلمي". وهذه رزمة من القواعد التي مل يعرف

أي من الدول العربية نظريها يف عالقاته بالقوى الغربية. ومع ذلك،

فتاريخ العالقات الصينية ليس نزيها وناصعا يف مسألة عدم التدخل؛

فقد تدخلت يف الحرب الكورية يف مطلع الخمسينيات، ويف النزاعات يف

بورما، وخاضت حربا مع الهند يف 1962 وتدخلت يف كمبوديا، وحاربت

القامئة فيتنام يف 1979. وال تعرتض الصني عىل استخدام الحكومات

السياسية(31). يف االنفصال واالحتجاجات القوة والعنف ضد حركات

هذا الجانب تحظى الصني بتقدير الحكومات العربية، يف حني تنتقدها

الرؤية وتلتقي العربية. السياسية والفئات الغريب واإلعالم السياسة

الصينية مع املواقف الرسمية للحكومات العربية السلطوية والتقليدية

القوى عىل اللوم وإلقاء املحيل والسالم واألمن االستقرار أهمية يف

الخارجية يف تأجيج االحتجاجات يف نطاق نظرية املؤامرة.

ومنذ اندالع الربيع العريب، أصبح موقف الصني من عدم التدخل مثار

جدل وشكوك، من حيث متسكها الصارم به بوصفه مبدأ أساسيا الزم

السياسة الصينية منذ الثورة. فهي أيدت التدخل الدويل يف ليبيا، ثم

امتنعت، مام يشري إىل أن الدوافع مل تكن مبدئية، كام أنها تقف ضد

التدخل يف سورية، وال تحتج عىل ضم روسيا القرم، وهي قضية يتداخل

فيها مبدأ عدم التدخل واحرتام السيادة. ويتضح لنا أن الصني ال تتمسك

قوتها تعرض وكام السيايس خطابها يف يظهر كام املبدأين بهذين

الناعمة يف املرحلة الراهنة حيث العوامل السياسية الدولية وعالقات

الصني بالواليات املتحدة قيود عىل مواقفها، فقد رفضت تدخل العراق

يف الكويت، ولكنها امتنعت عن التصويت عىل إخراجه بالقوة بزعامة

الواليات املتحدة حرصا عىل العالقات الصينية - األمريكية(32). أما إذا كان

التدخل متعدد األطراف وبتفويض من األمم املتحدة فإنها ال تعارضه،

بل أصبحت أكرث استعدادا لتأييده إال يف حال تعارض مع مصالحها،

فمنذ 2010 تبنى مجلس األمن 239 قرارا أيدت الصني أغلبها وامتنعت

عن التصويت يف ثالث حاالت حول ليبيا واألطفال والنزاعات املسلحة

ومرتني بشأن السودان، وصوتت بحق النقض ثالث مرات بشأن سورية.

وشاركت الصني يف إرسال قوات لتطبيق تلك القرارات. وبدأت الصني

الدولة". ويعد موقف تتخذ موقفا مرنا من مسألة "رضورة موافقة

االمتناع عن التصويت "تطبيقا للمبدأ الصيني بصورة صارمة من حيث

31 William Vallaham, "China's Foreign Policy and the Non-interference Principle: Farewell or Renewal?" International Conference on Contemporary China, Asia Center (2012), accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/49EjaP

32 "UN Adopts Resolution on Use of Force Against Iraq," Xinhua, November 28, 1990.

املبدأ، ولكن من حيث التنفيذ فإنه موقف مرن"(33)، فهو صيغة لحفظ

ماء الوجه والتغلب عىل التناقض يف السلوك بني املصالح الجيوسرتاتيجية

والجيوبوليتيكية والسمعة الدولية.

وتشري الوثيقة الصينية إىل أن السياسة الخارجية الصينية تقوم عىل

أهمية يف حشد القضية هذه وتحتل الوطني. الرتاب وحدة احرتام

لها ألن للصني حقوقا ومطالب من جهة، وهي الدول األخرى تأييد

تواجه مطالب من التبت وسنجان يف االنفصال من جهة أخرى. وأفردت

الوثيقة بندا منفردا لقضية تايوان وعدت عالقاتها الدولية تستند إىل

اعرتاف اآلخرين بحق الوحدة الصينية أو مبدأ الصني الواحدة. ويتعذر

التكهن بأن الصني سوف متتنع عن اللجوء إىل القوة يف مسألة وحدة

الرتاب الوطني وتخىش التدخل األمرييك يف النزاع عىل بحر جنوب الصني

ولذلك فإن مقاربة القوة الناعمة مع العرب يف هذا الصدد تستهدف

النزاع عىل تصاعد حال الدولية يف املحافل يف للصني التأييد كسب

استاملت فقد تايوان مسألة يف أما الصني. جنوب بحر يف السيادة

الصني الدول العربية إىل موقفها يف الصني الواحدة وجعلت صناع القرار

العرب مقيدين يف اإلفادة من هذه القضية يف الضغط عىل الصني يف

تأييد املوقف العريب يف الرصاع العريب اإلرسائييل بصورة أقوى وليس

النزاعية. املسائل يف تبنيه عىل الصني دأبت الذي بالحياد االكتفاء

التورط بنفسها عن عواقب تنأى أن الصني من املقابل، متكنت ويف

تحديات تهددها التي العربية الدول بعض الداخلية يف املسائل يف

االنفصال أو التقسيم القومي، كام يف العراق وسورية واملغرب، وذلك

مبقاربة التوازن بني املصالح واملبادئ(34).

اقتصادها منو مع وقضايا ومجاالت مسارات الصني أمام تفتحت

وانخراطها يف العوملة وسعيها لتتبوأ منزلة القوة الكبى واستعدادها ألن

تكون صاحبة مصلحة يف األمن واالستقرار والتنمية يف عالقاتها الثنائية

االنفتاح من هذا العربية البلدان نصيب وكان والدولية. واإلقليمية

يف واقتصاديا وإسرتاتيجيا سياسيا كبريا الصينية املصالح يف والتوسع

العريب؛ الوطن إيجابيا يف الصني لنفسها استقباال املقام األول. أمنت

غرار عىل التكتالت أو األحالف تنشد وال بقواعد تطالب ال فهي

مقاربات الحرب الباردة بل هي معنية بالجيواقتصاد أوال ثم استثامر ما

يرتتب عليه من مزايا إيجابية تخدم املصلحة الوطنية. وكانت مقاربة

"الرشاكة" الدليل إىل عالقات القوة الناعمة سواء عىل صعيد العالقات

الصينية الثنائية أم مع املنظامت العربية اإلقليمية وشبه اإلقليمية.

33 Samuel Kim, "China and the United Nations," in E. Economy & M. Oksenberg (eds.), China Joins the World: Progress and Prospects (New York: Council on the Foreign Relations Press, 1999), p. 26.

34 Shannon Tiezi, "China Prioritizes Ukraine's Ethnic Groups over its Territorial Integrity," The Diplomat, March 7, 2014.

Page 9: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

35 القوة الناعمة الصينية والعرب

الشراكة الصينية - العربيةومستواها لطبيعتها وفقا مختلفة بصيغ الرشاكة إىل اإلشارة وردت

السياسة أهميتها يف التي عقدت معها ومدى العربية الدولة وثقل

العريب والرشق األوسط، إذ ترد يف الجيواقتصادية الصينية يف الوطن

اإلسرتاتيجية الرشاكة و"عالقات الشامل" "التعاون مفاهيم الوثيقة

التعاون و"عالقات اإلسرتاتيجية" الرشاكة و"عالقات الشاملة"

اإلسرتاتيجي". وتؤكد الوثيقة دامئا أن هذه العالقة تقوم بني "أخوين

وصديقني". وهذا خطاب سيايس ناعم يف أدبيات العالقات العربية التي

يرد فيها تعبري "األشقاء واإلخوة" يف اإلشارة إىل عالقات الدول العربية

ببعضها وليس "عالقات الجوار"؛ ما يعني أن الصني تلغي بهذا الخطاب

البعد الجغرايف بينها وبني العرب، وتضع أمام أعني العرب قرب الصالت

التاريخية القدمية والتطورات الرسيعة التي جعلت الصني حارضة يف

السلع الحياتية التي غزت األسواق والبناء وتشييد البنى التحتية.

يتعذر تحديد مفهوم الرشاكة تحديدا دقيقا؛ فقد تباينت وجهات النظر

يف معانيه وتطبيقاته. ويرى بريغوست أن مفهوم الرشاكة اإلسرتاتيجية

يف وغريها القومية العابرة الكبى الرشكات نشاطات يف استخدم

الثامنينيات. ويجادل ايسورايت بأن الرشاكة هي حلف يخلق الظروف

كل يرشع وفيها هدف، لبلوغ رشاكة يف جهدها لتجمع للرشكات

طرف "يف تغيري مامرساته وتكييفها بغية تقليل التكرار والهدر وتحسني

تستهدف يقيمها التي الرشاكة أن األورويب االتحاد ورأى األداء"(35).

"البحث عن أرضية مشرتكة للمصالح املتبادلة وتأييد كل طرف األجندة

السياسية لآلخر واتخاذ أفعال سياسية مشرتكة عىل الصعيدين اإلقليمي

والدويل"(36). وفرست هذه املصالح واملواقف تارة بصورة ضيقة وأخرى

مفتوحة(37). ويف السياسة الدولية يستخدم املفهوم، كام يرى كيي "أداة

لتعظيم دول مجموعة أو قوية دولة جانب من استخدامها ميكن

الهيمنة السياسية واالقتصادية والعسكرية يف النظام الدويل"(38). ويرى

كامريون وجينغ "أن أي رشاكة إسرتاتيجية يجب أن تقوم عىل أساس

املساواة والثقة املتبادلة واالحرتام والفهم، كام يجب أن تكون شاملة

35 M. Isorait, "Importance of Strategic Alliance in Company's Activity," Intellectual Economics, no. 5 (2009).

36 Wen Jiabao and Anne Schmidt, "Strategic Partnerships: A Contested Policy Concept," Working Paper, German Institute of International Security Affairs, FG1 (December 2010).

37 Gionanni Grevi, "The Rise of Strategic Partnership: Between Interdependence and Power Politics," in: G. Grevi & Vasconcels (eds.), Partnerships for Effective Multilateralism: EU Relations with Brazil, China, India, and Russia, Chaillot Paper 109 (Paris: European Union Institute for Security Studies, May 2008).

38 Sean Kay, Global Security in the Twenty First Century: The Quest for Power and the Search for Peace (Maryland: Rowman & Littlefield Publisher, 2012), pp. 46 - 47.

دائم بها التزام هناك يكون أن ويجب البعيد، املدى وعىل وكلية

اإلسرتاتيجية الرشاكة تكون أن ينبغي املثالية الناحية ومن وأكيد،

املتبادلة واالحرتام والتفهم"(39). قد تكون الرشاكة الثقة عىل أساس

اإلسرتاتيجية أحيانا "جزءا من مرشوع عظيم لتغيري نظامي، ولكن رمبا

يستخدم الدبلوماسيون ذلك وسيلة لخطاب سيايس لإلبحار يف سياسة

عاملية متحركة"(40). وكام يرى غريفي فالرشاكة اإلسرتاتيجية "صيانة

وحامية للمصالح الحيوية للطرفني"(41).

وتتباين أهداف الرشاكة اإلسرتاتيجية من حال إىل حال؛ فقد عقدت

الواليات املتحدة رشاكة مع روسيا بهدف السيطرة عىل عواقب انهيار

الحرب الباردة وتفكك االتحاد السوفيايت. ويف حالة الصني وروسيا كان

الهدف التنسيق يف وجه سياسة الهيمنة األمريكية، والرشاكة بني أمريكا

وعقدت الناتو، سياج خارج ترتك مل بأنها لطأمنتها كانت ورومانيا

الرشاكة بني الواليات املتحدة وتركيا لدعم العالقات بني حليف تقليدي

يف بيئة جديدة، وبني تركيا وإرسائيل إلقامة عالقات جديدة(42).

بالنزاعات وتواجه سياسة إقامة الرشاكات يف الرشق األوسط امليلء

املتضاربة األهداف عن بالرشاكة االبتعاد كيفية معضلة البينية،

ألطراف النزاع، وكيف ميكن تحايش االنتقائية بني أطراف النزاع(43).

لقد اتبعت الصني مقاربة الرشاكة يف عالقاتها بطريقة فاقت غريها

الكبى؛ إذ عقد االتحاد األورويب 10 رشاكات والهند 20 الدول من

رشاكة، أما الصني فلها 50 رشاكة، ويعود ذلك إىل جملة أسباب منها:

أن عليها وكان متأخرة مرحلة يف العوملة يف الصني انخرطت

تنغمس فيها يف مجاالت عديدة ومع أطراف كثرية يف العامل.

الرشاكة بوابة تتالءم مع البيئة الدولية ملا بعد الحرب الباردة؛

بحيث أصبح التعاون والتنافس أدوات إدارة السياسة الدولية ال

الرصاعات الساخنة أو األيديولوجية.

ال يعتمد نهوض الصني السلمي عىل معطيات قريبة املدى بل

ال مفر من تهيئة بيئة مستقرة وسلمية للمدى البعيد، والرشاكة

هي اإلسرتاتيجية األفضل لبلوغ هذا الهدف.

39 Ibid.

40 Ibid.

41 Giovani Grevi & G. Khandekar (ed.), "Mapping EU Strategic Partnerships," FRIDE (November 2011), accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/HE2oKD

42 Kay.

43 Annegat Bendiek & Heinz Kramer, "The EU as a Would Be Global Actor: Strategic Partnership and Interregional Relations," in: J. Maihold & M. Gunther (eds.), European Leading Powers: towards Partnership in A Strategic Policy Area (Nomos: Baden-Baden, 2010), pp. 21 - 41.

Page 10: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

36 اراأ أ رايأرايأ

بالتعاون والضمنية اللسانية ودالالته الرشاكة مفهوم يوحي والصني األهداف وتقارب املصالح ووحدة واملنافع واملساواة قوة بأنها الدولية السياسة عىل نفسها تعرض بدورها املستقر واإلقليمي الدويل النظام يف مصلحة صاحبة صاعدة

والسلمي والتعاوين.

األقاليم والدول األساسية فيها هواجس اقرتاب الصني من يثري حقيقية أو مفتعلة من "التهديد الصيني" الذي روج له الغرب والواليات املتحدة، وبفضل الرشاكة تستطيع الصني إطفاء هذه الدور أحادية وال أنانية، وليست سلمية فالرشاكة الهواجس.

واملنافع، وال قريبة املدى لحصد منافع وانتهاز فرص.

أمنية إسرتاتيجية دوافع من الرشاكة طالبة الصني تقدم مل رشاكتها بأن نفسها تعرض بل تهديد، ملواجهة وعسكرية أو تحالفات إقامة مقدمات عليها يرتتب ولن جيواقتصادية، وفاقات ضد طرف إقليمي رئيس مثل الهند يف املحيط الهندي

أو روسيا يف وسط آسيا أو اليابان يف رشق آسيا.

الرشاكة أفضل إسرتاتيجية ميسورة يف بيئة ما بعد الحرب الباردة التي ميكن للصني أن تقودها "بخصائص صينية"؛ فمن ناحية، هي ال تريدها بديال من خيارات الحرب الباردة أو موامئة البيئة الجديدة، بل إنها خيار إسرتاتيجي صيني يف عامل ما بعد الحرب النفع يف للمشاركة دعوة الرشاكة أخرى، ناحية ومن الباردة، منوا األقل منوا يف مساعدة األكرث الطرف فيه يسهم لها العام

لبلوغ التنمية.

بأن وترصيحاتها سياساتها يف ملحوظا توجها الصني أظهرت القائم ال يستجيب إىل التطورات الجذرية التي النظام الدويل وتفكك الباردة الحرب نهاية بعد الدولية السياسة يف وقعت األمريكية ونهوض األحادية القطبية السوفيايت واختفاء االتحاد الصني. ومع ذلك، تبدو الصني من دعاة الوضع القائم وال ترمي إىل تبني سياسة ثورية لتغيري النظام الدويل الذي مهد لنهوضها، تدريجيا الدويل النظام تغيري توجه لقيادة لديها خيارات فإن القوة سياسة غري الدولية للعالقات جديدة قواعد بإدخال اإلسرتاتيجية الرشاكة مقاربة خالل ومن األحادية. والقطبية بوصفها قوة ناعمة صينية سيكون يف وسع الصني حشد التأييد وإشاعة مامرسة السياسة الدولية يف إطار الرشاكات اإلسرتاتيجية بل األمنية العسكرية والتكتالت األحالف عن عوضا السلمية

بتكتالت اقتصادية ينتفع منها جميع األطراف.

معوقات دون السلمية بالتنمية الصني نهوض يكن مل إسرتاتيجية، كحاجتها إىل املوارد بخاصة الطاقة والتقنية الحديثة والسوق واالستثامرات، وليك تتغلب عليها أخذت مبقاربة القوة الناعمة بصيغة الرشاكة. فكانت مع القوى االقتصادية الكبى

أول األمر ثم توسعت إىل الدول النامية بعدما انترشت املصالح الصينية. وكانت أفريقيا وأمريكا الالتينية من املحطات األوىل ثم أصبح الرشق األوسط محطة اهتامم إسرتاتيجي بسبب الطاقة

والسوق واالستثامر.

إىل ترقى أن ينبغي الصني أن الصينيون والباحثون القادة أكد منزلة القوى الكبى يف هيكل توزيع القوة عامليا وأن ما حققته من تقدم يف التنمية يؤهلها العتالء هذه املنزلة، كام يدركون أن الصني، نهوض لتعطيل وتسعى ذلك تعارض املتحدة الواليات وبهدف اإلفالت من هذا الطوق األمرييك تعمد الصني إىل خيار

قوة ناعمة يف سياق الرشاكات.

االتحاد مع الشاملة" اإلسرتاتيجية "رشاكتها الصني عقدت وعندما الرشاكة معاين الصيني، الوزراء رئيس جيابوا، وين أوضح األورويب اإلسرتاتيجية ذات "الخصوصية الصينية"، إذ يقول: "إن كلمة الشاملة االتجاهات وعىل نطاق أن يكون يف جميع التعاون يجب أن تعني واسع وعىل مستويات متعددة، فهي تغطي مجاالت االقتصاد والعلوم والتقنية والسياسة والثقافة، وعىل املستويني الثنايئ واملتعدد األطراف، وميكن أن يقوم التعاون بني الحكومات والجامعات غري الحكومية. أما اإلسرتاتيجية فتعني أن التعاون يجب أن يكون مستقرا، وعىل املدى والصني، األورويب االتحاد بني للعالقات الكبري اإلطار يشمل البعيد، يجب كام االجتامعي، والنظام األيديولوجية يف الخالفات ويتخطى أال يكون التعاون عرضة ألحداث منفردة تقع من وقت إىل آخر. أما التعاون يجب أن يكون عىل قدم املساواة وعىل أن الرشاكة فتعني أرضية عىل يقفا أن الطرفني وعىل مشرتك وكسب متبادلة منافع االحرتام املتبادل والثقة املتبادلة، ويعمال عىل توسيع املصالح املتشابهة والسعي وراء أرض مشرتكة يف القضايا الرئيسة، ويف الوقت نفسه وضع

القضايا الصغرية عىل الرف"(44).

عقدت الصني أمناطا مختلفة من الرشاكات؛ ففي 1997 وقع الرئيس

إسرتاتيجية رشاكة كلنتون" الرئيس مع واشنطن، زيارته يف زمين،

بناءة". أما الرئيس جيانغ فقد اتفق مع الرئيس بوش عىل بناء "تعاون

إسرتاتيجي بناء"، يف 2001. واتفق الرئيسان يش جني بينغ وأوباما يف

يف الرئيسة". القوى بني جديد نوع من "عالقات إرساء عىل 2013

1997 وقعت الصني وروسيا "رشاكة إسرتاتيجية للتنسيق"، ومع اليابان

"عالقات إسرتاتيجية للمنفعة املتبادلة".

تحرص الدبلوماسية الصينية عىل أن يكون عقد الرشاكات يف مناسبات الزيارات الرسمية الرفيعة املستوى مثل زيارة الرئيس ورئيس الوزراء.

44 Chines Ministry of Foreign Affairs, Speech by H. E. Wen Jiabao, Premier of the State Council of the People's Republic of China, at the China-EU Investment and Trade Forum (May 2004), accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/xCp7lB

Page 11: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

37 القوة الناعمة الصينية والعرب

وتتضمن كل رشاكة القضايا املركزية يف عالقات الصني بالطرف الثاين

ثنائيا أو جامعة؛ ففي رشاكاتها مع الواليات املتحدة واالتحاد األورويب

يف أهمية من لها ملا والدميقراطية اإلنسان حقوق إىل اإلشارة تأيت

عالقات الصني بالغرب ويف التنافس بني النظم االجتامعية والسياسية،

هذه فإن العربية واألقطار الثالث العامل دول مع الرشاكات أما

املسألة ال مكان لها، بل توظف الصني غيابها عن الذكر إيجابيا بصورة

السيايس واالجتامعي النظام تتدخل يف صوغ بأنها ال الناعمة القوة

واالقتصادي لهذه الدول بل تحرتم تقاليدها. وتذكر قضايا يف رشاكات

دون أخرى، ففي الرشاكة مع مرص وردت قضية التزام مرص موقفها

اإلقليمية تايوان واملطالب بعبارة أخرى، قضية الواحدة"، الصني يف"

للصني واملوقف من حركة االنفصال. ويف الرشاكة مع اإلمارات العربية

املتحدة جاءت مسألة التعاون يف إصالح األمم املتحدة. ويف الرشاكات

مع القوى الكبى تأخذ الصني مبوقف الدفاع ذلك أن هناك جبهات

منكشفة فيها وقد تصبح رشوطا لتعزيز التعاون، مثل حقوق اإلنسان

والسياسة التجارية والنقدية للصني التي قد يترضر منها اقتصاد بعض

الدول، أما يف الرشاكات مع الدول العربية والنامية فإن للصني القوة يف

تحديد أجندتها كونها الطرف املعطي يف كثري منها.

ويف سياسة الرشاكة الصينية توجد أربعة مستويات. يف املرحلة املبكرة

من بعد الحرب الباردة اتبعت الصني مقاربة "عالقات تعاون"، وبعد

انفتاح الصني عىل مجموعة دول آسيان ودول جوارها يف وسط آسيا

أخذت مبقاربة "الصداقة والتعاون" التي توصف بأنها عالقات "رشاكة

جيدة مع الجريان" ثم صيغة "عالقات رشاكة شاملة"، وأخريا "رشاكة

إسرتاتيجية"(45).

سياستها نطاق يف مستويني عىل رشاكة عالقات الصني أقامت لقد

للقوة الناعمة يف اتجاه الدول العربية. اختارت الصني أوال صيغة الحوار

واملنتدى مع الهياكل التنظيمية املتعددة األطراف يف الوطن العريب، فقد

انطلق منتدى التعاون العريب - الصيني يف 2004 بني الصني وجامعة

الدول العربية، ويف 2010 تأسس "الحوار اإلسرتاتيجي" مع دول الخليج

العريب يف إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبعد أن أرست

الصني قوائم التعاون واستكشفت مجاالته وتبينت منافعه عىل املستوى

الكيل انرصفت إىل الرشاكة الدقيقة التفصيلية وذات الخصوصية عىل

اإلسرتاتيجية" مع مرص. "الرشاكة الثنايئ. ويف 2014 عقدت املستوى

ويف كانون الثاين/ يناير 2016 عقدت مع السعودية، وكانت العالقات

الصينية - السعودية تأسست يف 2008 عىل مقاربة "صداقة إسرتاتيجية".

عقدت الصني كذلك رشاكة إسرتاتيجية مع السودان واإلمارات العربية

يف 2016، ويف أيار/ مايو 2016 مع املغرب.

45 Su Hao, "Harmonious World, The Conceived International Order in Framework of China's Foreign Policy," in Masofuni Lida (ed.), China's Shift : Global Strategy if the Rising Power, NIDS Joint Research Series no. 3 (2009).

دوافع الشراكة اإلستراتيجيةمن املفيد أن نحلل مقاربة القوة الناعمة الصينية يف سياق الرشاكة

للسياسة العام التوجه خالل من العربية الدول مع اإلسرتاتيجية

الخارجية الصينية يف عالقاتها بالدول األخرى.

تتوزع مجاالت العالقات الصينية الدولية إىل فضاءات جيوبوليتيكية

أو دوائر تكون الصني يف كل واحدة منها املركز املحاط بفاعلني؛ ففي

الخط األول تأيت القوى الكبى يف السياسة الدولية وتحتل الواليات

األساسية وقواه األورويب واالتحاد روسيا وبعدها الصدارة املتحدة

مثل بريطانيا وفرنسا وأملانيا. وللصني معايري يف وزن عالقاتها مع هذه

القوى، منها صلتها بنهوض الصني وتنميتها السلمية من حيث متكينها

من بلوغ ذلك من عدمه بخلق املصاعب يف طريقها إىل مقاصدها

العليا. وهناك البعد األمني وقضايا وحدة الرتاب الصيني ويف مقدمتها

سلميا، الصني إىل وضمها استقاللها من املوقف حيث من تايوان

تعطل مسارها أزمات العالقات يرتتب عن هذه أن الصني وتخىش

التنموي أو تحيد به عن جادته. ويف الخط الثاين أو "الحزام" تقع دول

الجوار الجغرايف مثل اليابان والهند أو القوى اإلقليمية الكبى مثل

كوريا الجنوبية، وكذلك الدول التي لها تأثري يف التنمية الصينية إما

ملواردها كام هي الحال يف وسط آسيا وإما لقربها الجغرايف وتواصلها

الديني مع سنجان اإلسالمية التي أصبحت من أكرث التهديدات لوحدة

الرتاب الصيني وجذبت إليها اهتاممات القوى الخارجية للضغط عىل

الصني. وتقع يف هذا الخط دول جنوب آسيا التي تتفاعل معها الصني،

للتجارة وإلدارة املشاكل اإلقليمية الحدودية. ويقع يف املحيط الثالث

الدول النامية يف أمريكا الالتينية وآسيا وأفريقيا.

يف الثالث الحزام دول بني من فهي أهمية؛ العربية للمنطقة

الرسم يف الرشاكة وإسرتاتيجية الناعمة السياسة يف الصيني املدرك

الجيواقتصادي الصيني. ومع منو اقتصاد الصني تتعاظم تلك األهمية

وتأخذ صورا ومسارات متجددة.

جيواقتصاديا إليه الصني يجذب الجغرايف، مبوقعه العريب فالوطن

قبل كل يشء. ودول الخليج، بخاصة عامن، تطل عىل الخليج العريب،

حيث توجد إيران الرشيك اإلسرتاتيجي الرئيس لها يف الخليج والرشق

ما هرمز، مضيق عىل تجلس وهي العرب، بحر وعىل األوســط،

البوابة أنها اإلقليمي، كام األمن مفاتيح يديها تحمل يف أنها يعني

الحيوي املايئ املجال هذا ليصبح العرب بحر إىل ومنه الخليج إىل

للمالحة جزءا أساسيا من املحيط الهندي الذي تحول ميدان تنافس

وكذلك واليابان، والهند الصني مثل األساسية اآلسيوية القوى بني

األساسية الكبى القوى جانب إىل باكستان، مثل اإلقليمية القوى

مثل الواليات املتحدة. والخليج العريب هو الرباط البحري بني آسيا

Page 12: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

38 اراأ أ رايأرايأ

باب ومضيق عدن خليج عب ومنه ألفريقيا، الرشقية والسواحل

املندب تبحر التجارة العاملية والطاقة من أوروبا وإليها، ومن أوروبا

وأفريقيا إىل آسيا.

الدوافع الجيوبوليتيكية الجيوستراتيجيةالرشاكة تفسري يف واألمنية الجيوبوليتيكية الدوافع تغيب ال

اإلسرتاتيجية الصينية مع الدول العربية، إذ ليس من منطق األشياء

الصيني التحليل يذهب كام فقط، بدوافع جيواقتصادية تفرس أن

والخطاب السيايس الرسمي. ومام ال ريب فيه أن الجيواقتصاد هو

الدافع املبارش والعمليايت. لكن ذلك ال يطمس معامل الدوافع األخرى.

لدى القوى الكبى سلة خيارات لرتتب عالقاتها بالدول الصغرى من

زاوية حسابات املصلحة الوطنية والقدرات عىل تيسري الوسائل للحفاظ

والقوى الدويل للنظام الهيكلية أو املؤسساتية البيئة وكذلك عليها،

املتفاعلة فيه وأيديولوجياتها. ووجدت الصني نفسها يف بيئة جديدة

وهي متر يف مراحل نهوضها إىل منزلة القوى اإلقليمية الكبى ثم القوة

الكبى، لتصبح يف العقد الثاين من األلفية القوة الثانية يف العامل.

الحرب األمنية. وبعد العسكرية العرشون قرن األحالف القرن كان

رصاعات وعالقات عاملية أحــالف أمنــاط بزغت الثانية العاملية

وكانت نووية. قدرات سقف ظل يف عاملية وأهداف أيديولوجية

األيديولوجي الكفاح راية أنها رفعت الصني طرفا غري أسايس سوى

والخطاب السيايس التحرييض وكانت مصالحها يف الب الصيني وأمنه

من الواليات املتحدة ثم بعد ذلك من االتحاد السوفيايت. واطأمنت

الصني عىل أمنها بعد حيازتها القدرة النووية للردع الصغري، وكذلك يف

ترتيب عالقاتها بالقوتني القطبيتني يف مثلث صيني - أمرييك - سوفيايت.

وعدم االنحياز عدم سياسة من بهداية الدويل النظام يف وأبحرت

التورط يف النزاعات الدولية.

وقع تغيري إسرتاتيجي جوهري يف السياسة الدولية ويف هيكلها وقواعد

إدارة العالقات الدولية بعد الحرب الباردة وتفكك االتحاد السوفيايت.

ومثلام واجهت الصني تحديات هذه البيئة الجديدة فإنها يف الوقت

نفسه أصبحت جزءا من هذه التحديات من حيث أنها تحولت هدفا

لسياسات القوى األخرى من ناحية، ومن ناحية أخرى استهدفت الصني

مواقف الدول األساسية يف قضايا ال ترى أنها تصب يف مصلحتها الوطنية.

وأظهرت عامليا. هيمنتها لبسط املتحدة الــواليــات اندفعت

دور ووهن خياراتها. لفرض العسكرية القوة الستخدام جاهزية

السياسة ركب يف املجاين للركوب الدول وسارعت املتحدة األمم

وكان أحالفها منظومة أمريكا وعززت واإلقليمية. العاملية األمريكية

تستهدف أمريكية لهيمنة مجاال الهندي املحيط اآلسيوي - الفضاء

القوة الشيوعية الكبى الوحيدة يف العامل، كام بدا ذلك للناظر واملدرك

األمرييك. املتطرف اليمني لنوايا خاطئة قراءة ذلك يكن ومل للصني.

وملواجهة هذه التحديات سعت الصني إىل تعزيز قدراتها العسكرية،

والدخول يف حوارات لبناء شبكة عالقات رشاكة مع األطراف األخرى

مبا فيها الواليات املتحدة، بحيث ليس لديها بديل عسكري أمني من

بل مل إليها حلفاء، الصني املتحدة. ومل تجذب الواليات التوازن مع

السياسة أن عن فضال املتحدة، الواليات ملواجهة تعرث عىل حليف

الصينية منذ الثورة هي ضد األحالف العسكرية األمنية.

كان أمام الصني إما االنعزال وإما االنخراط. واختارت االنخراط خيارا

من اإلسرتاتيجية الرشاكة عالقات وكانت .1979 منذ إسرتاتيجيا

دروب االنخراط األكرث مالءمة لنهوض الصني ألنها تستطيع بفضلها

أن تستوطن يف التنظيامت والرتتيبات االقتصادية اإلقليمية.

ويف عالقاتها بالدول العربية مل تعرث الصني عىل مقاربة لالنخراط يف

اإلسرتاتيجية. الرشاكة بأسلوب الجيواقتصاد سوى العربية السياسة

فاملنطقة ميدان سياسة وإسرتاتيجية للقوى الكبى تاريخيا وللرصاع

املنطقة عىل يف األمن ويقوم الباردة. الحرب يف األمرييك السوفيايت

وسياسات مبارش عسكري ووجود وجامعية، ثنائية أحالف هياكل

تسليح أمرييك سوفيايت.

إن قدوم الصني إىل املنطقة العربية مقيد بأصفاد الوهن الصيني يف

التنافس مع الواليات املتحدة، من جهة(46)، وبسياسة املنطقة الطاردة

للوجود السيايس واألمني والعسكري الصيني، من جهة أخرى. وعىل

يف جيوبوليتيكيا لالنخراط ممهدات من للصني كان مام العكس

عىل تعرث ال فإنها الجيواقتصادية، العالقات عب آسيا رشق جنوب

مثلها يف عالقاتها بالدول العربية. لقد تأخر بعض الدول العربية يف

االعرتاف بالصني واالبتعاد عن تايوان، وكان ال يرى فيها قوة لها قدرة

الفاعل املوازن يف سياسة التوازنات يف الرشق األوسط. ومن هنا، فإن

القضايا، ومحدودة املجال ضيقة كانت الصينية العربية العالقات

الصني تحولت بعدما أوسطية الرشق السياسة عىل تنفتح وليك

الصحيحة املقاربة اإلسرتاتيجية هي الرشاكة فإن عاملية، قوة كبى

والوطن األوسط الرشق يف جيوبوليتيكيا الصني لتنخرط واملالمئة

العريب فتنشط حركة سياستها الخارجية يف املجال والقضايا بوصفها

قوة كبى عليها مسؤولية األمن واالستقرار والسالم والتنمية.

46 "Factoring US Strategy in China's Future," Stratfor, April 12, 2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/xz7aQ5; Roncevet G. Almond, "Finding Balance in US-China Relationship," The Diplomat, December 16, 2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/dcX9cH; G. J. Ikenberry, "Between the Eagel and the Dragon: America, China, and The Middle States Strategies in East Asia," Political Science Quarterly, vol. 20, no. 20 (2015).

Page 13: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

39 القوة الناعمة الصينية والعرب

وبال شك، كانت الواليات املتحدة من بني العوامل املحددة لسياسة

عن السوفيايت االتحاد غياب أثر إذ العربية؛ املنطقة يف الصني

املنطقة يف طبيعة التوازنات بني القوى الكبى يف املنطقة من جهة،

وبني الدول نفسها، من جهة أخرى، وترك اختفاء السوفيات فراغا

إسرتاتيجيا، سارعت الواليات املتحدة إىل إعادة ترتيب أدوار القوى

فيه لتنصاع إىل التوجه الجديد نحو عامل أحادي القطب. ويف الوقت

مستعدة غري بكني كانت املنطقة يف مصالح للصني بدأت الذي

لتحل محل االتحاد السوفيايت قوة توازن يف املنطقة. وحذرت الصني

بالنزاعات خشية من االنزالق يف سياسة الرشق األوسط املشحونة

تأخذ أن واقتصاديا ويستدعي عالية سياسيا كلفة لذلك تكون أن

موقف االنحياز إىل طرف أو آخر، كام أن الصني عدلت عن حمل

السوفيايت. االتحاد إليها دعا التي كتلك عاملية أيديولوجية لواء

االتحاد انهيار أسباب بني من أن الصينية القيادة ــت وأدرك

كان وهكذا، والتنافس. نفسه الرصاع إدامة عن عجزه السوفيايت

هدف الصني الجيوبوليتييك هو إبعاد الواليات املتحدة عن مناطق

مصالحها، يف حني كانت الواليات املتحدة تنشط يف ترتيب املناطق

الصني. لتطويق

لقد ذلك. بلوغ يف جيوسرتاتيجيا ثانوية حلقة األوسط والرشق

آسيا وسط يف الصيني النفوذ توسع من الحد عن روسيا عجزت

وأصبحت منظمة شنغهاي منوذجا لنجاح املقاربة الصينية يف القوة

اإلقليم. دول إليها فجذبت اإلسرتاتيجية الرشاكة وآلية الناعمة

الهيمنة يف آسيا وسط أهمية برزت سبتمب 11 أحداث وبعد

األمريكية وحربها عىل اإلرهاب. وتعاونت الصني مع واشنطن التي

رشعت يف هندسة نظام رشق أوسط كبري ينترش من الرشق األوسط

من الصني من املتحدة الواليات لتقرتب أفغانستان إىل التقليدي

جناحها الغريب الذي أمنت أنه استقر جيوبوليتيكيا وجيوسرتاتيجيا

ملصلحتها بعد بناء منظمة شنغهاي وسري روسيا معها يف صد الناتو

الصني اقرتبت املتحدة الواليات حركة وللرد عىل االقرتاب(47). من

تعاون بصيغة بل أمني برتتيب ليس ولكن العربية، املنطقة من

اقتصادي يغري األطراف باالنخراط فيه، وال يثري مخاوف الواليات

فالعامل نفوذها. مجاالت عىل تزحف الصني أن من املتحدة

األمرييك أكرث من أي عامل آخر يحدد الخيارات الصينية واتجاهات

سياستها الخارجية واملدى الذي تذهب إليه.

47 C. Candland, The US Great Middle East Initiative: Implications for Persian Gulf Economics and Politics, Paper Prepared for March 1 - 2 Institute of Politics and International Studies 15th International Conference on the Persian Gulf; Tamara Cofman Wittes, Report: The New US Prospects for Great Middle East Initiative: An Evaluation, Middle East Memo, Brookings, May 10, 2004.

يدلنا تاريخ جيوبولتيك وجيوسرتاتيجية تعاظم القوة إىل قوة كبى عىل

أن ما من قوة مل ترس يف طريق التوسع يف النفوذ والعالقات وإقامة األحالف والرصاع. والصني مهام زعمت قياداتها ليست حالة استثنائية تاريخية. إن القوة الكبى يتعذر عليها كبح طموحاتها القومية، لقد أذلت الصني خالل القرن التاسع عرش، ويحدوها الطموح اآلن لتصحيح هذا التاريخ باالرتقاء إىل قوة كبى، وهناك شواهد كثرية؛ منها السعي لبناء قوة شاملة عاملية، وتعزيز قدراتها البحرية ملهامت البحار البعيدة ولتقوم بدورها يف تشكيل العامل، وكذلك سياسة املواقف التوكيدية يف

القضايا القومية مثل مطالب السيادة عىل بحر الصني الجنويب.

ما كان الرشق األوسط والوطن العريب ليجذبا إليهام الصني بوصفها قوة عاملية لو مل تصبح واثقة بقدراتها يف االنخراط بفاعلية ونشاط يف مناطق نائية ولكن لها فيها مصالح تنمو. والرشق األوسط من أكرث األقاليم العاملية التي خاضت القوى الكبى والعظمى الرصاعات يف ميادينه. ولكن الصني تحذر من أن يكون هذا الدرب دربها إىل القوة العاملية جيوبوليتيكيا وجيوسرتاتيجيا؛ أي عب سياسة القوة، بل االقرتاب الناعم اقتصاديا يف نسق رشاكة إسرتاتيجية، من دون أن يوحي كل جزء فيها

بالرضورة، بنوايا جيوبوليتيكية وجيوسرتاتيجية لقوة كبى(48).

تهيأت للصني فرص تاريخية للدنو من الرشق األوسط/ املنطقة العربية. كانت لحرب أفغانستان عام 2001 تداعيات أمنية عىل الرشق األوسط املتحدة الواليات اإلرهاب الحرب عىل األمريكية. وأرهقت والسياسة إسرتاتيجية مناطق تغفل وجعلتها أحالفها يف التامسك وأضعفت إدارة أعطت أخرى، جهة ومن األمريكية. وللهيمنة لألمن حيوية أوباما األهمية القصوى للتمركز يف الرشق يف الفضاء اآلسيوي الهادي حيث تنهض الصني قوة عظمى. وكان من نتائج ذلك أن أصبح الرشق األوسط ال يحظى بالرعاية األمريكية عىل مستوى اإلسرتاتيجية العليا. وتناقص اهتامم واشنطن باملنطقة بعدما تناقص االعتامد عىل نفطها، بسبب اكتشاف النفط الصخري يف الواليات املتحدة وتقدمها يف تقنية املتحدة من االعتامد عىل الواليات أوباما بتحرير استخراجه، وتعهد النفط العريب والرشق أوسطي(49). ووجدت بكني فرصا للتحرك صوب

املنطقة بقوة ناعمة عب الرشاكة اإلسرتاتيجية.

48 S. Stensil, "China Debates its Future Role in the Middle East," Export Analysis: Norwegian Peacebuilding Resources Centre, May 2014, accessed on 82017/6/, at:https://goo.gl/w5190a; Cesar Castille, "China's Evolving Middle East Role," Institute of Security and Development Policy, March 18, 2016; Thomas Christeinsen, "The Advantages of Assertive China: Responding to Beijing's Abrasive Diplomacy," Foreign Affairs (March-April 2011).

49 Anthony H. Cordesman, "American Strategy and US Energy Independence," Center for Strategic and International Studies, October 21, 2013; "Hillary Clinton Said America Is Energy Independent: It Is Not," CNBC News, October 10, 2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/OpnePA

Page 14: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

40 اراأ أ رايأرايأ

انتقدت السياسة الخارجية الصينية بأنها تتهرب من التزاماتها الدولية

وتلوذ بالصمت أو الخطاب السيايس الشاجب أو املتعاطف يف األزمات

الدولية وال ترقى إىل دور القوة صاحبة املصلحة يف األمن واالستقرار

العاملي التي تتحمل أعباء إدارة تلك األزمات، وبأنها شديدة الحرص

عىل مصالحها الوطنية الضيقة. واتهم الرئيس أوباما السياسة الصينية

بأنها "راكب مجاين" يف الرشق األوسط حيث يقع العبء الكبري عىل

السياسة األمريكية يف مواجهة التحديات الدولية مثل اإلرهاب، وتنتفع

الصني من جهد السياسة األمريكية يف تثبيت االستقرار واألمن يف توسيع

نشاطاتها التجارية النفعية(50). وردت بكني عىل ذلك بأن أمريكا ارتكبت

الخطأ اإلسرتاتيجي يف املنطقة، يف حني تقوم اإلسرتاتيجية الصينية يف

القوة الناعمة للتعاون والتنمية وسيلة سلمية لحل النزاعات وتسويتها

بالتكامل االقتصادي اإلقليمي وبناء الثقة وحسن النوايا(51).

وتنجذب الصني إىل املنطقة العربية من دوافع األمن الداخيل الصيني

األوسط الرشق تطورات وانعكست ترابها. وحدة عىل والهواجس

اإلسالمية الحركة بنشاطات املتمثلة الصينية الداخلية الساحة عىل

االنفصالية يف إقليم سنجان(52) التي ارتبطت بظاهرة اإلسالم السيايس

إرهابية. عمليات وتنفذ املسلحة أجنحتها لها عاملية بوصفها حركة

ويشارك مقاتلون من سنجان يف العمليات اإلرهابية يف العراق وسورية،

كام أن هناك تعاطفا إعالميا وشعبيا وفئويا يف بعض الدول العربية مع

مطالب الحركة اإلسالمية يف سنجان(53). وتعاظم الهاجس الصيني من

حركة االنفصال بعد أن اكتشفت أن لها من يغذيها إعالميا من الخارج

يف نطاق تفتيت الصني كام وقع يف يوغسالفيا عىل يد الواليات املتحدة

إقليم يف االحتجاجات تصاعد يدفعها أن من بكني وتخىش والناتو.

القضية عىل القوة األمر الذي يضع اللجوء إىل استخدام سنجان إىل

طاولة حقوق اإلنسان واالتهامات للصني بانتهاك الحريات، ما يجعلها

تواجه ضغطا دوليا. ورمبا يشمل هذا الدول العربية التي ال تستطيع

اقرتاب يقيم عوارض يف طريق بالقضية وهذا بدوره االنشغال عدم

الصني من املنطقة.

50 Bree Reng, "Obama's Free Rider Comment Draws Chinese Criticism," New York News, August 26, 2014, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/1RB06p; Simon van Nieuwenhuize, "China May Regret Free Riding," The Diplomat, August 13, 2014, accessed on 8/6/2017, at: http://thediplomat.com/2014/08/china-may-regret-free-riding-in-iraq/

51 "Is China Wrong to Benefit from Iraq," People's Daily Online, August 13, 2014, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/aNbd95

52 Dru C. Gladny, "Islam in China: Accommodation or Separatism?" The China Quarterly, vol. 174 (June 2003), pp. 451 - 467.

53 Michael Clarke, "China's Terrorist Problem Goes Global," The Diplomat, September 7, 2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/O0RhqL

ومن ثم، تكون الرشاكة اإلسرتاتيجية آلية الستباق وقوع هذه التعقيدات

يف العالقات الصينية العربية، فبفضلها تستطيع الصني أن تقدم نفسها

عىل أنها ال تقرتب من العرب للتدخل يف الشؤون الداخلية وإمنا للتعاون

االقتصادي، وحينها سيكون للصني أدوات الضغط عىل املواقف العربية

بدفعها لرتجيح مغانم التعاون اإلسرتاتيجي يف رشاكة مع الصني عىل

إظهار الدعم املادي واإلعالمي والسيايس لحركة االنفصال اإلسالمية يف

الصني(54). إن اعرتاف العرب بوحدة األرايض الصينية قيد عىل خيارات

التزام الوثيقة عىل الصني. ونصت اإلسالم يف العربية حيال السياسة

العرب هذا املوقف.

مل يكن نهوض الصني وزعمها إنها قوة تبزغ بتنمية سلمية غري محفوف

بتحديات داخلية وإقليمية ودولية. وتعذر عىل القادة الصينيني من

بعد جيل الرئيس كسياوبنغ أن يدميوا الوفاء بالتزام وصاياه يف تدبري

العالقات الصينية الدولية بخاصة مع الواليات املتحدة وذلك "بالتكتم

واالنتظار" حتى تحني الفرص يف وقتها الناضج(55)، بيد أن خطى النهوض

الرشق منطقة ومنه العامل، وانتشار مصالحها يف االقتصادي الصيني

األوسط/ الوطن العريب، ونفوذ الفئات القومية يف صناعة القرار وتعظيم

القوة العسكرية، كل ذلك أفىض إىل هواجس أمنية واقتصادية عاملية

وإقليمية خاصة مطالبة الصني بحقوق قومية يف بحر الصني الجنويب(56).

عىل تنطوي قضايا من للصني ليس فإنه العريب الوطن زاوية ومن

هواجس أمنية يف عالقاتها العربية، بيد أن موقفها من األزمة السورية

والنزاع العريب اإلرسائييل وتصاعد النفوذ اإلقليمي اإليراين ترتب عليه

مطالبة عربية بأن تصبح الصني أكرث انغامسا يف سياسة القضايا العربية

ال أن تبقى واقفة عند الخط الجانبي.

مل تقدم الصني بعد عىل تخطي مرشدات الرئيس كسياوبنغ إال بحذر

كبري، عىل الرغم من مستوى نهوضها. وليك تخفف بكني الضغط العريب

تظهر أن اختارت العربية سياستها يف وإيجابية إقداما أكرث لتصبح

اهتاممها بالوطن العريب يف سياق الرشاكة اإلسرتاتيجية ألنها األقل كلفة

سياسيا وال تطالبها بأجندة مواقف سياسية، هذا من جهة، ومن جهة

أخرى، تحتاج الصني إىل واقيات سياسية لتصد عنها الحملة األمريكية

والغربية حيال بعض أوجه سياساتها الدولية ومواقفها من قضايا مثل

القرم واألزمة السورية. إن الرشاكة اإلسرتاتيجية الصينية العربية رصيد

سيايس للصني توظفه يف حشد التعاطف والتأييد لسياساتها.

54 "Muslim Countries Mostly Silent on China Unrest," Associate Press, July 17, 2009, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/RkToVe

55 Bonnie S. Glaser, "China's Foreign Policy Under Xi Jinping: Continuity and Change," Critical Issues Confronting China Seminar Series, December 3, 2014.

56 Xuetong Yan, "From Keeping a Low Profile to Striving for Achievements," The Chinese Journal of International Politics, vol. 7, no. 2 (2014), pp. 153 - 184.

Page 15: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

41 القوة الناعمة الصينية والعرب

وال تستبعد الصني من تقديراتها أنها سوف تواجه أزمات رمبا تضطر فيها إىل استخدام القوة مبستوى ما، ويف هذه الحالة ال بد أن تعرث عىل السياسة الحياد. ومن زاوية أطراف يؤيدون مواقفها أو يقفون عىل العربية التي تقيد خياراتها عالقاتها بالواليات املتحدة ال تتوقع الصني دعام عربيا جامعيا، بل ال يستبعد أن يقف بعض الدول عىل الحياد،

عىل أقل تقدير إظهارا لالمتعاض من السياسة األمريكية.

الدوافع الجيواقتصاديةالدول الصينية تجاه الوثيقة إن الرشاكة اإلسرتاتيجية ركن أسايس يف

العربية. وهي تستند يف املقام األول إىل مقومات جيواقتصادية ذات

املنطقة واالقتصاد الصيني واقتصاد باالقتصاد صلة مركبة ومتداخلة

العاملي. والدوافع الجيواقتصادية هي التي دفعت الصني جيوبوليتيكيا

وجيوسرتاتيجيا للقدوم إىل املنطقة.

تعتمد وهي الصني. لنهوض املحرك السلمية هي الصينية فالتنمية

عىل تأمني املوارد، بخاصة الطاقة، واألسواق واالستثامر. وكلام تسارعت

الطلب زاد وحجمها، التجارة مساحة واتسعت االقتصادية التنمية

الصيني عىل الطاقة واملوارد والسعي وراء النفوذ إىل أسواق مل تصل

إليها التجارة الصينية من قبل أو تعظيم طلبها عىل التجارة الصينية.

بل باملوارد من معادن، االقتصادية العربية الدول أهمية تتمثل وال

العالقات يف األوىل املرتبة تحتل طبيعي وغاز نفط من الطاقة إن

االقتصادية الصينية العربية واألسواق وفرص االستثامر.

املصادر وفرة محددات: ثالثة الصينية الطاقوية السياسة وتحكم

وتنوعها، واالنسياب اآلمن، والسعر املعتدل.

الصني إىل بالنسبة للطاقة الرئيس املصدر العربية املنطقة أصبحت

النفط يف املدة 2002-2013؛ فقد ارتفع معدل الطلب الصيني عىل

بـ 450 ألف برميل يوميا. واستهلكت 10.4 ماليني برميل يوميا يف 2014.

يف حني كان االستهالك 6.4 ماليني برميل يوميا يف 2004. وعىل الرغم

من الدعوة إىل تخفيض استهالك الطاقة، فإن الطلب سوف يزداد(57).

ومن املتوقع أن يبلغ االستهالك املحيل الصيني 18 مليون برميل يوميا

يف 2035، يف حني ستستهلك الواليات املتحدة 17 مليون برميل يوميا(58).

أثرت التطورات اإلقليمية والدولية يف توجه الصني إىل املنطقة العربية

جيواقتصاديا؛ فقد تراجع التزام الواليات املتحدة باملنطقة بعد أحداث

11 سبتمب، وانكمش الطلب األمرييك عىل الطاقة العربية، من جهة.

57 "China Faces Tough Task in Energy Resolution," China Daily, July 26, 2014.

58 "BP Energy Outlook," 2035, February 2015, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/YhGWKG

ومن جهة أخرى، يتجه العراق وإيران إىل زيادة حصتهام من الطلب

اآلسيوي عىل الطاقة، وبصورة خاصة من الصني. وعىل نحو عام، تتجه

الطلب انخفاض بعد اآلسيوية السوق إىل النفطية العربية األقطار

املئة، املئة، وعامن 9.7 يف السعودية 16.1 يف فقد صدرت األمرييك؛

والكويت 3.4 املئة، العربية 3.8 يف واإلمارات املئة، والعراق 9.3 يف

يف املئة، من الطلب الصيني(59). وإىل جانب هذا، فاق حجم التجارة

الصينية مع الدول العربية عام 2014 حجم تجارة الواليات املتحدة

الرشكاء قامئة والعراق العربية واإلمارات السعودية وتتصدر معها.

التجاريني للصني يف املنطقة، وتأيت مرص واألردن يف آخر القامئة.

تواجه االقتصاد الصيني تحديات بنيوية ناجمة عن التنمية االقتصادية،

داخلية وهيكلية مالية إصالحية بإجراءات عليها التغلب ميكن ال

فحسب، بل ال مفر من أن تعرث الصني عىل منافذ لنقل ثقلها االقتصادي،

املحيطية ومنها املناطق إىل االستثامر والسوق، الخصوص عىل وجه

الوطن العريب الذي يزداد فيه الطلب بسبب منو السكان وتنوع منط

االستهالك، كام أن البلدان العربية فقرية يف البنى التحتية وتحتاج إىل

استثامرات كبرية فيها ليس يف وسع االقتصاد الوطني أن يلبيها، هذا

من جهة، ومن جهة أخرى، تراكم لدى الصني فائض اإلنتاج والرصيد

الطلب املحيل وزيادة العملة األجنبية ألسباب تعود إىل ضعف من

األجنبي االستثامر وتدفق الدولة سياسات بسبب االقتصادي النمو

إىل الصني(60). ومن بني الحلول لصعوبات االقتصاد الصيني التوسع يف

االنخراط يف االقتصاد العاملي.

النفطية الدول أن لالستثامر، كام العربية جاذبة املنطقة كانت وملا

الرثوة، مصادر لتنويع الخارج يف استثامر فرص عن تبحث العربية

فإن الصني هي املرشح األوفر حظا لتطوير عالقة رشاكات إسرتاتيجية

اقتصادية. إن الرشاكة اإلسرتاتيجية تخدم الهدف الصيني يف إسرتاتيجية

"التمحور يف الغرب" التي تبنتها قيادة الجيل الرابع الصينية يف عناوين

"إحياء األمة" و"الحلم الصيني" يف أجندة الرئيس يش. ولن ميهد لنجاح

اإلسرتاتيجية الرشاكات دون الواحد والطريق الواحد الحزام مبادرة

مع الدول العربية، بل الراجح أن األخرية متثل أساسا للمبادرة(61). ويف

املقابل تعني الرشاكات الدول النفطية العربية عىل "التمحور يف الرشق".

59 "The Great Well of China," The Economist, June 20, 2015, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/i7oE8s

60 Chong-en Bai, et al, "Spatial Spill over and Regional Economic Growth in China," China Economic Review, no. 30 (2012).

61 Jouathan Karl, "Obama Says Russia Is a Regional Power Not America's Geopolitic Foe, ABC News, March 25, 2014, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/WA2CIr; "Obama Finally Upgrades Russia from Regional Power to Important Power," RT, October 19, 2016, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/NI2T1Z

Page 16: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

42 اراأ أ رايأرايأ

هيمنت الواليات املتحدة وال تزال عىل الرشق األوسط منذ انسحاب

بريطانيا من رشق السويس. وأصبحت الدول العربية أدوات السياسة

عىل عملت أنها كام الباردة، الحرب يف األمريكيتني واإلسرتاتيجية

النفط مصادر عىل بالسيطرة عامليا هيمنتها تثبيت يف تسخريها

مواجهة يف خياراتها وتقييد الكبى الصناعية القوى عىل للضغط

والحامية األوسط الرشق عىل املهيمنة كونها املتحدة الواليات

لخطوط النقل البحري للطاقة والتجارة العاملية. وتجد الدول العربية

يف الرشاكات مع الصني خيارا لتخفيف القيود األمريكية عليها وتضييق

األمريكية النفطية السوق أهمية حيث من الطاقوي االبتزاز فرص

والتزامات حامية خطوط النقل. إن اعتامد الصني عىل الطاقة العربية

ال يعفيها من تحمل مسؤولية أمنها، وتعهدها مبواثيق رشاكات يضع

عليها مسؤوليات ال ميكنها أن تحيد عن وزرها، بعد أن أصبحت قوة

كبى/ عظمى، كام أنها ال ميكن أن تطمنئ لرتك مهمة حامية خطوط

النقل الطاقوي يف عهدة الواليات املتحدة فتخنقها عند الرضورة.

إىل العربية الدول بني الصينية اإلسرتاتيجية الرشاكات توزيع يشري

وجيوبوليتيكية. جيواقتصادية معايري من أطرافها تقيم الصني أن

ففي عقدها رشاكات مع السعودية واإلمارات العربية أولت الصني

منزلة هاتني الدولتني العربيتني يف اقتصاد الطاقة واالستثامر والسوق

وكذلك للصني التجاريني الرشكاء أكب هي السعودية إن أهمية.

يف االستثامر فرص وفيهام إليها، للطاقة املصدرين ومن اإلمارات،

أهمية فلهام والسودان أما مرص السوق. التحتية، فضال عن البنى

جيوبوليتيكية للصني. إنهام عىل الطريق البحري ملبادرة الحزام، وإن

مرص هي األوىل عربيا التي مهدت لقدوم الصني إىل البلدان العربية،

فضال عن كونها ذات ثقل يف االتحاد األفريقي سياسيا.

ومن مزايا الرشاكة اإلسرتاتيجية الصينية أنها مرنة؛ مبعنى أن الصني

بحسب تكييفها تعمل عىل وإمنا لعقودها مسبقة تضع رشوطا ال

فيها. لالنخراط وقابليته وإرادته اآلخر الطرف نوايا مع يتوافق ما

وتتفاوض الصني عىل قضايا الرشاكة اإلسرتاتيجية ومجاالتها وآلياتها

تظهر أنها من وتحذر االقتصادية مبصالحها صلة له الذي بالقدر

فيها مبظهر املنافس لقوة إقليمية أو كبى ذات مصالح يف املنطقة.

من الصني متكن التي واألداة السبيل اإلسرتاتيجية هي الرشاكة إن

أخذ دور الواليات املتحدة يف املنطقة بهدوء ألن االتحاد األورويب مل

يجعلها من أولوياته، بل يركز عىل رشق أوروبا وجنوب رشق آسيا.

أما روسيا فليست بالرشيك التجاري الرئيس للمنطقة؛ إذ ليس لديها

سوى النفط والسالح يف التجارة العاملية(62).

التحالف. أو التكتل مثل خفية بدوافع رشاكاتها الصني تكسو وال

وخصم وحليف صديق إىل معها تتعامل التي الدول تصنف وال

تنعت التي املتحدة الواليات تفعل كام فاشلة، دول أو وعدو

إىل وموجه مفتوح السيايس إن خطابها بل بالعدو، وإيران سورية

الدول الصني عند ويرجح معها، التعاون تريد التي الدول جميع

تويل فيه ضامنات إلدامة مصالحها وتطورها وال الذي النظام ذات

طبيعته السياسية اهتامما. كام أن الصني ال تشرتط أن يكون التعاون

بقوة الطرف ذلك عالقات إسرتاتيجية عىل حساب معها يف رشاكة

كبى أخرى، فالرشاكة السعودية - الصينية ال توحي بأنها الضد من

الرشاكة السعودية - األمريكية. وتحرص الصني عىل أال تكون رشاكتها

مع الدول العربية مانعا لتوجهها إىل عقد رشاكة مع خصومها. ففي

إقامة من الصني اإليراين السعودي التنافس مينع مل العريب الخليج

أهم رشاكتني إسرتاتيجيتني مع الطرفني يف الرشق األوسط.

وتتحاىش الصني أن يكون يف نطاق رشاكتها أبعاد أمنية - عسكرية،

فالدول منــوذج. خري العربية الــدول مع اإلسرتاتيجية ورشاكاتها

نزاع التي للصني رشاكة معها ولديها قضايا الدول أكرث العربية من

الساخنة بالنزاعات مشحون اإلقليم إن وإقليمي. ثنايئ وتنافس

أن الصني تريد ال أخرى، جهة ومن جهة، من واملجمدة والباردة

يكون لرشاكاتها التزامات أمنية سواء بالتأييد السيايس أم العسكري.

أن الصني ال تتحدى املصالح األمريكية، لكنها كام تدل الرشاكة عىل

تتنافس معها يف أهم منطقة إسرتاتيجية. إىل جانب هذا، تبتعد الصني

عن جعل رشاكتها سياسة استقطاب إقليمي باختيار أطراف معينة،

بل إنها تعمل عىل رشاكات مع الجميع مثل تركيا وإيران وإرسائيل

ثالث وال طاردة الصينية موجهة ضد طرف ومرص. ليست الرشاكة

لطرف قادم.

تعزز الرشاكة اإلسرتاتيجية، من وجهة نظر الصني، األمن واالستقرار

املحيل واإلقليمي يف املنطقة، لذلك فهي رشاكة "االنتفاع املتبادل". ال

االقتصاد ديناميكية الصينية من االقتصادية التنمية استدامة تتولد

62 "Wen Jiabao Delivers an Important Speech on Respecting the Diversity of Civilization and China- Arab Relations at the Arab League Headquarter," People's Daily, November 8, 2009, accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/8Dq599

Page 17: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

43 القوة الناعمة الصينية والعرب

وإقليمي محيل واقتصاد عاملي اقتصاد من بل فحسب، الصيني

ناميني. ولهذا فإن الرشاكة مع العرب نافعة للصني يف تأمني أسباب

استدامة تنميتها ونهوضها. أما من جهة الدول العربية فإن الرشاكة

عامل يف التنمية املحلية واإلقليمية.

إن وثائق الصداقة العربية الصينية غنية بخطاب فيه توكيد عىل مبادئ

ليس لها نظري يف غريها من الوثائق العربية مع القوى األخرى. وأول

املبادئ هو "املنافع املشرتكة" وذلك لطأمنة الطرف العريب أن الصني ال

تسعى بهذه الرشاكة إىل تعزيز ثقلها االقتصادي الذي يف امليزان التجاري

ملصلحة الصني، ما عدا الدول املصدرة للطاقة، ويتزايد حجم عاملتها

يف البلدان العربية ليس للكسب غري العادل. وهذه الرشاكة هي بني

طرفني عىل قدم املساواة؛ فليس للصني تاريخ استعامري يف املنطقة

لتصبح القوة التي متيل رشوطها، بل هي رشاكة مع قوة آسيوية صاعدة

من العامل الثالث ومن دول عدم االنحياز، وتحرتم الصني خصوصيات

الطرف الثاين فهي ال تعمل عىل تسخري رشاكتها بوصفها آلية للتغيري يف

النظام السيايس أو االجتامعي والثقايف يف إطار إسرتاتيجية بسط عقيدة

عاملية، كام هي الحال مع الغرب. وتقوم الرشاكة مع الدول العربية عىل

زعم وين جيابوا، رئيس الوزراء الصيني عىل "أن العرب أصدقاء جيدون

ورشكاء جيدون وإخوة جيدون"(63).

روح أن الصينية القيادة وترى بالعرب تاريخ عالقاتها الصني ومتجد

هذا التاريخ تتمثل بعالقات الرشاكة؛ فقد كتب الرئيس يش يف جريدة

األهرام قبل زيارته السعودية ومرص وإيران يف كانون الثاين/ يناير 2016

"ظللنا نلتزم مبدأ الثقة واالحرتام واملنفعة والعزة املتبادلة حتى أصبحنا

عىل بعضنا ويعتمد ببعضنا نثق األعزاء والرشكاء واإلخوة األصدقاء

البعض"(64). وقال يف خطابه أمام الجامعة العربية ساعيا وراء تبديد

الحملة اإلعالمية لتضليل التوجه الصيني إىل الدول العربية بأنه يتسرت

عىل نوايا خفية "بالبحث عن وكيل يف الرشق األوسط"(65)، أو إن الصني

تغتنم فرصتها التاريخية "مللء الفراغ"(66) بشبكة رشاكات إسرتاتيجية

"ندعو جميع األطراف لالنضامم إىل حلقة أصدقاء، عوضا عن البحث عن

مجال نفوذ"، وهذه هي حقيقة السياسة الصينية، بحسب تعبريه(67).

الكثرية، وهي تنينها بألوان العرب مع للرشاكة الصني صورة ترسم

السري إىل الهدف "بالتكاتف". وينهل الرئيس الصيني من إرث الثقافتني

63 "Let Arab-China Friendship Surge Forward Like the Nile," Ministry of Foreign Affairs, People's Republic of China, January 22, 2016.

64 "Xi Outlines Middle East Vision," China Daily, January 22, 2016., accessed on 8/6/2017, at: https://goo.gl/brU5Pw

65 Ibid.

66 Ibid.

67 Let Arab-China Friendship Surge.

التكاتف، عىل وتأريخيا وجدانيا معنى يسبغ ما والصينية العربية

يقول: "يقول املثل العريب إن السري وحدك يجعلك أرسع، ولكن السري

كرثة الصيني املثل يقول بينام أبعد، تذهب يجعلك الجامعة مع

الصحبة تبسط الرحلة". وتسعى الصني إىل إقناع العرب بأنها ال تسري

يف طريق التنمية حرصا عليها بل تريد أن يشاركها اآلخرون فيها، فإن

بأن يكون أوىل العرب فإن االقتصادية "حلام صينيا" التنمية كانت

لهم "حلمهم" أيضا. وكل يسري إىل حلمه ولكن "كفا بكف"(68). ويف

ارتباطا ببعضهام والعريب الصيني الجانبان فيه "يرتبط الحال واقع

أوثق ملا يشرتكان فيه من املهامت التنموية واألهداف الطموحة"(69).

إن الرشاكة بني العرب والصني ليست حالة ستاتيكية، بل إنها تسعى

وعميقة معقدة تغيريات العامل "يعيش إذ القامئة الحال تغيري إىل

املرتنح االقتصادي واالنتعاش املتزايدة العاملية التحديات ظل يف

والتوترات املحلية املتتالية واملتعاقبة والتهديدات اإلرهابية املتفاقمة

والصني العرب بني اإلسرتاتيجية الرشاكة وبفضل واملتعاظمة"(70).

محوره الدولية العالقات من نوع جديد "إلقامة فرص تتاح سوف

تعني الصينية العربية الرشاكة إن املشرتك"(71). والكسب التعاون

تقاسم العرب والصني" الرساء والرضاء"(72).

المراجعAlmit, Muhamad S. China and the Middle East since

World War II: Bilateral Approach. Lanham and Boulder:

Lexington Books, 2010.

Bai, Chong-en et al. "Spatial Spill over and Regional

Economic Growth in China." China Economic Review.

no. 30 (2012).

Bakken, Borge. "Norms, Values and Cynical Games with

Party Ideology." Copenhagen Journal of Asian Studies,

vol. 16 (2006).

Maihold J. & Gunther, M. (eds.) European Leading

Powers: towards Partnership in A Strategic Policy Area.

Nomos: Baden-Baden, 2010.

68 Ibid.

69 Ibid.

70 Ibid.

71 Ibid.

72 Ibid.

Page 18: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

ددعلألأ

44 اراأ أ رايأرايأ

BP Energy Outlook, 2015, February 2015.

Candland, C. The US Great Middle East Initiative:

Implications for Persian Gulf Economics and Politics,

Paper Prepared for March 1 - 2 Institute of Politics and

International Studies 15th International Conference on the

Persian Gulf.

Castille, Cesar. China's Evolving Middle East Role. Institute

of Security and Development Policy. March 18, 2016.

Christeinsen, Thomas. The Advantages of Assertive China:

Responding to Beijing's Abrasive Diplomacy. Foreign

Affairs. March-April 2011.

Cordesman, Anthony H. American Strategy and

US Energy Independence. Center for Strategic and

International Studies. October 21, 2013.

Fergusen, Nial. "Think Again: Power." Foreign Policy.

November 2009.

Gladny, Dru C. "Islam in China: Accommodation or

Separatism?." The China Quarterly. vol. 174 (June 2003).

Glaser, Bonnie S. "China's Foreign Policy Under Xi Jinping:

Continuity and Change." Critical Issues Confronting China

Seminar Series. December 3, 2014.

Glaser B. & Murphy, M. "Soft Power with Chinese

Characteristics." Center for Strategic and International

Studies. March 10, 2009, at: https://goo.gl/ifxzAi

Gray, Colin S. "Hard Power and Soft Power: the Utility of

Military Force as Instrument of Policy in the 21st Century."

US, Strategic Studies Institute (April 2011), at: http://ssi.

armywarcollege.edu/pdffiles/pub1059.pdf

"The Great Well of China." The Economist. June 20, 2015,

at: https://goo.gl/i7oE8s

Grevi, Gionanni and Alvaro de Vasconcels. (eds.).

Partnerships for Effective Multilateralism: EU Relations with

Brazil, China, India, and Russia. Chaillot Paper 109. Paris:

European Union Institute for Security Studies, May 2008.

Grevi Giovani & Khandekar, G. (ed.). "Mapping EU

Strategic Partnerships." Fride, November 2011, at:

https://goo.gl/HE2oKD

Hall, Todd. "An Unclear Attraction: A Critical Examination

of Soft Power as an Analytical Categoray." The Chinese

Journal of International Politics. vol. 3, no. 2 (2010).

Masofuni, Lida (ed.). China's Shift: Global Strategy if the

Rising Power. NIDS Joint Research Series. no. 3 (2009).

Ingrid d'Hooghe, The Limits of China's Soft Power in

Europe: Beijing Public Diplomacy Puzzle. Netherland

Institute of International Relations, Clingendael (2010), at:

https://goo.gl/T9qz7h

Ikenberry, G. J. "Between the Eagel and the Dragon:

America, China, and The Middle States Strategies in East

Asia." Political Science Quarterly. vol. 20, no. 20 (2015).

International Congress on China and the World Order:

Cultural Encounter. China, Beijing. June 28-29, 2012.

Isorait, M. "Importance of Strategic Alliance in Company's

Activity." Intellectual Economics. no. 5 (2009).

Jiabao, Wein and Anne Schmidt. "Strategic Partnerships:

A Contested Policy Concept," Working Paper, German

Institute of International Security Affairs (December 2010).

Kay, Sean. Global Security in the Twenty First Century:

The Quest for Power and the Search for Peace. Maryland:

Rowman and Littlefield Publisher, 2012.

Economy E. & Oksenberg M. (eds.) China Joins the World:

Progress and Prospects. New York: Council on the Foreign

Relations Press, 1999.

Robinson, Thomas. (ed.) Chinese Foreign Policy: Theory

and Practice. Oxford: Oxford University Press, 1994.

Kudryavtser, Andrey A. "A Systemic View of the

Soft Power." Working Paper. RSCAS 2014-2016,

at: https://goo.gl/ziRUfT

Page 19: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

دراسات

45 القوة الناعمة الصينية والعرب

Leonard, Malik. What Does China Think?. New York:

Public Affairs, 2009.

Xin Li & Worm, Verner. "Building China's Soft power of

Peaceful rise." Asian Research Centre, CBS. Copenhagen

discussion papers. July 28, 2009, at: https://goo.gl/z2r2hp

Lock, E. "Soft Power and Strategy: Developing a Strategic

Concept of Power." University of the West of England

(2009), at: https://goo.gl/xdBzoh

Matsuda, Takeshi. Soft Power and its Perils: US Cultural

Policy in Early Post-war Japan and Permanent Dependency.

US: Stanford University Press, 2007.

Mingiiang L. et al. Soft Power, China's Emerging Strategy

in International Politics. Lanham: Lexington Books, 2009.

Nye, J. S. Bound to Lead, The Nature of American Power.

New York: Basic Books, 1990.

Nye, J. S. The Paradox of American Power: Why the World's

Only Superpower Can't Go Alone. New York: Oxford

University Press, 2002.

Nye, J. S. Soft Power, the Means to Success in World Politics.

New York: Public Affairs, 2002.

Nye, J. S. "Obama's Smart Power." New Perspective

Quarterly. vol. 26, no. 2 (2000).

Nye, J. S. "Recovering American Leadership." Survival. vol.

15, no. 1 (2008).

Nye, J. S. "Public Diplomacy and Soft Power." Annals of the

American Academy of Political and Social Science. vol. 616

(March 2008)

Ramo, Joshia Cooper. The Beijing Consensus. London:

Foreign Policy Centre, 2004.

Tiezi, Shannon. "China Prioritizes Ukraine's Ethnic

Groups over Its Territorial Integrity." The Diplomat. March

7, 2014.

Stensil, S. China Debates Its Future Role in the Middle

East. Export Analysis, Norwegian Peacebuilding Resources

Centre (May 2014), at: https://goo.gl/w5190a

Vallaham, William. "China's Foreign Policy and the Non-

interference Principle: Farewell or Renewal?" International

Conference on Contemporary China, Asia Center (2012),

at: https://goo.gl/49EjaP

Wang, J. "Chinese Conception of Soft Power and Its

Policy Implications." International Conference on

China in International Order, Nottingham University

(September 2006).

Yiwei Wang, "Public Diplomacy and the Rise of

Chinese Soft Power." Annals, AAPSS (March 2oo8),

at: https://goo.gl/QoqwO8

Wittes, Tamara Cofman. Report: The New US Prospects

for Great Middle East Intiative: An Evaluation, Middle

East Memo. Brookings. May 10, 2004.

Yan, Xuetong. "From Keeping a Low Profile to Striving

for Achievements." The Chinese Journal of International

Politics. vol. 7, no. 2 (2014).

Yan X. & Xu, Jin. "A Soft Power: Comparison between China

and the United State." Xiandai Guanxi. January 20, 2008.

Page 20: Chinese Soft Power and the Arabs · 2017. 8. 3. · 6 Todd Hall, "An Unclear Attraction: A Critical Examination of Soft Power as an Analytical Category," The Chinese Journal of International

صـدر حديـثا

المسألة الطائفية وصناعة األقليات في الوطن العربيصداأحداثرأعنأاملركزأالعريبألألبحرثأودااسةأالسيرسرتأكتربأاملسألةأالطرئفيةأوصنرعةأوفيهأ و فهرسر(،أ اليسط،أ يثقرأ القطعأ صفحةأ نأ العريبأ)944أ يفأاليطنأ األقليرتأمثرنيةأوعرشونأبحثرأ نأبحيثأقد تأيفأ"املؤمترأالسنييألقضرارأالدميقراطيةأوالتحيلأالدميقراطي"أالذيأعقدهأاملركزأبعنيانأ"املسألةأالطرئفيةأوصنرعةأاألقليرتأيفأاملرشقأ

العريبأالكبري"،أخاللأالفرتةأ3ا-5اأ اليل أسبتمربأ4ايأأيفأعمن.