www.campusincamps.ps

“،� في المخيم وك� يعرف الجميع، إن كل البيوت متلاصقة إلى حد كب

ونوافذها تنفتح على بعضها البعض، لذا لا توجد خصوصية للبيت

ولساكنيه. بناء على ذلك، يصمم الناس بيوتهم، ويبنونها بناءً على ما

يحيط بها من بيوت أخرى، نافذة مطبخنا كب�ة، ويفصلنا عن ج�اننا

مسافة تقل عن المتر. وأمام نافذة المطبخ هذه توجد نافذة الج�ان

الأيام، رأيت جارنا يحفر أحد أيضاً. وفي نافذة مطبخهم التي هي

ويعيد تصميم بناء بيته حيث بقي لمدة أسبوع¯ على هذه الحال.

وفي صباح أحد الأيام، حيث كنت أحضر القهوة اطلعت من الشباك،

فإذا º أشاهد جارنا، والذي قد حول مطبخه إلى ح�م، ورأيته جالساً

ذلك؛ لأنه لا ½كن له النافذة (أو متعمداً في الح�م مغفلاً إغلاق

إغلاقها طوال الوقت، Ä يسمح بتهوية الح�م) حيث تلاقت أعيننا،

فقلت له على الفور: «كيفك يا جار» فأجابني: «الحمد لله» وهو

جالس على كرسي المرحاض! فقلت له: «شو بتسوي هان؟» فقال لي:

«أنا عارف!» فصمتنا للحظة ثم بدأنا بالضحك مفكرين كيف ½كن

!لنا أن نحل هذه المشكلة

06

الأزقــةإعادة كتابة الرواية

18.06.2013

جامعة في المخيمالمبادرات

جامعة في المخيم

المبـادرات

الأزقــــــــــــةإعادة كتابة الرواية

المشاركونأيسر الصيفي، مراد عودة

مخيم الدهيشة للاجئين

5

ما وراء المخيم: الدخول في المشاع

المبادرات التي يقوم بها مشاركو جامعة في المخيم هي نتاج جهد مشترك ما بين المشاركين والمجتمع. حيث استندت هذه المبادرات على أفكار وملاحظات بنيت عن طريق التعلم من خلال التجربة والممارسة - وليس تشكيل المعلومة عن طريق التلقين - مما ادى الى الفهم النقدي للسياق الاجتماعي والسياسي

دون الأخذ بالمسلمات.

في السنة الأولى عمل المشاركون على ما يسمى القاموس الجمعي والذي احتوى التي تعتبر أساسية لفهم حالة مخيمات اللاجئين على مجموعة من المفاهيم الفلسطينيين المعاصرة، حيث شكل القاموس الجمعي الاطار الفكري للمبادرات

مما جعلها أكثر تماسكا وعمقا واتصالا بالواقع.

خلال السنة الثانية تم التركيز بشكل أكبر على التعلم من خلال الممارسة والتي كان من بينها رحلات المشي، لقاءات، عروض تقديمية، جلسات نقاشية وغيرها على سهل مما المخيم، مع مباشرة الانخراط الى تهدف والتي الأنشطة من

المشاركين امكانية العمل على مبادرات تحافظ على حالة المخيم الاستثنائية.

* نتجت المبادرات من خلال نقاش وحوار مع ساندي هلال ومنير فاشه وأليساندرو بيتي، و تم تفعيل هذه المبادرات من قبل تمارا أبو لبن، بريف نيوز البس، أيمن خليفة، ماتيو جودي، سارة بلجريني، جوليانا

راكو، دييجو سجاتو ودينا قدومي.

6

الخيم، حيث المخيم مكونا من يعد اللجوء لم فبعد خمسة وستين عاما من خلق التغير في أوضاع المخيم على مدار كل هذه السنين تحوله من حيز انساني

الى مساحة سياسية نشطة، كما وأصبح تعبيرا وتجسيدا لحق العودة.

مبادرات شابات وشباب جامعة في المخيم تحمل أسماء هذا التحول الحضري: الحديقة، الأزقة، البلدية، الضاحية، البركة، الملعب، الساحة، الغير مبني، والجسر. ومجرد وجود هذه الأماكن المشتركة داخل مخيمات اللاجئين يشيرالى التشكيلات المكانية والاجتماعية الجديدة وراء فكرة المخيم كموقع من التهميش والفقر

والقهر السياسي.

اليساندرو بيتي مدير المشروع

مخيم الدهيشة، حزيران 2013

9

فهــرس

01 | الجداريات والمخيم:

المخيم ليس بمتحف 10جدران المخيم 12

الروح الثورية للجداريات 45- تمارا أبو لبن

02 | مئة قصة:

50 محاولات لرواية القصص

03 | الملتقى الأدبي:

65 الأدب والنكبة69 الإعلام الاجتماعي

01

الجداريات والمخيم

جداريات المخيم شكل من أشكال الإعلام الاجتماعي

12

المخيم ليس بمتحف

نبذة تاريخية

تعود فكرة رسم الجداريات على جدران المخيم إلى الانتفاضة

الأولى عام 1987م، حيث كانت الكتابة على جدران المخيمات،

والمدن الفلسطينية من أهم الطرق للتعبير عن آراء الأحزاب،

عن والتعبير الوعي، لنشر وطريقة السياسية، ومواقفها

الإضرابات دعوات عليها تكتب فكانت والتحدي، الصمود

فكرة أخذت بعد فيما السياسية. والشعارات والاحتجاجات

ناجي الرسام يد الذي جاء على بالتطور الجدران الرسم على

العلي برسوماته السياسية، والوطنية التي كانت تعبر بأسلوب

رمزي عن معاناة الشعب، وضرورة نهوضه للمقاومة، ومواضيع

وفن، كأسلوب، والرسم الأدب، دور فبرز مختلفة. اجتماعية

قمع على يعمل الاحتلال كان حين في مقاومة)1(، ونهج

الحريات، ويحارب الأدباء والرسامين، وزجهم في السجون بتهم

التحريض، والتوعية السياسية.

الفن والمقاومة: خلال الانتفاضة ازدهر

الفن السياسي في المخيم

ليصبح اداة توعية

واسلوب مقاومة.

13

Yasser Arafat. Abu Jihad, and Ghassan Kanafaniياسر عرفات، ابو جهاد وغسان كنفاني

14

جدران المخيم

خلال الانتفاضة الأولى والثانية، كانت جدران المخيم عبارة عن

مساحات عامة، أو عبارة عن مشاع، ولم تكن خاصة للأهالي، بمعنى

لم يمنع أحد من الكتابة على الجدران، بل كان هنالك اتفاق ضمني

بأنها عامة، فالعقل الجمعي، والحياة المشتركة التي عاشها أهالي

المخيم في بداية الانتفاضة، بحكم الظرف السياسي، والاقتصادي

الصعب كونهم لاجئين، عزز دور النسيج الاجتماعي، والفكري،

وعزز أيضا دور العام في المخيم الذي بدوره أخذ ينعكس على

التي حملت والشعارات الكتابات، من خلال المخيم، جدران

الكتابات تلك مع ولد الذي التحدي نتيجة سياسيا بعداً

والكتابات برسوماتها، الجدران تلك نالت لهذا والرسومات،

زالت ما والتي المخيم، أهالي لدى وأهمية وتقديراً احتراماً

مستمرة حتى اليوم.

جاءت فكرة رسم الجداريات على أرضية جاهزة، نتيجة للصراع

وأعطت أتاحت والتي الجدران، هذه عاشته الذي السياسي

الفرصة للرسم بالنمو والازدهار، فتحولت الجدران شيئا فشيئاً

إلى كتاب يحكي قصص أهالي المخيم، ومعاناتهم لكل زائر من

خلال الرسم، والكتابات الذي هو بحد ذاته قوة تميز بها المخيم.

ولم تقتصر الرسومات فقط على المواضيع السياسية بل توسعت

وسيلة الجدران أصبحت وبذلك المجتمع، مشاكل لتضم

والاجتماعية، السياسية، اللاجئين معاناة لنشر قوية إعلامية

والاقتصادية، وطريقة لمعالجة الإشكاليات المجتمعية من خلال

المشاعجاءت فكرة الرسم على

الجدران لتعبر عن حياة

الفلسطيني والمخيم.

15

الرسم والكتابات التي لا زالت محفورة.

الجداريات اليوم

تعبير هو والمخيم واقعها، من الأشياء يخرج فالمتحف بمتحف، ليس المخيم

اللجوء. على من عاماً )65( بعد يخرج عن سياقه حتى واقع لم مكثف عن

والثقافي، السياسي، للتعبير لتكون مكاناً المخيم؛ استخدمت جدران الزمن مر

ترتبط واقعية قصة تروي المخيم جداريات أصبحت بحيث والاجتماعي،

معاناة بجانبها يمر من يستذكر بحيث الأحداث، وبتسلسل زمني، بتسلسل

شعب وقضية. الرسم على جدران المخيم بحد ذاته يخلق حالة ثقافية من خلال

نوع الرسومات، والكلمات التي هي عبارة عن دمج ما بين واقع الحياة المرير في

المخيم، وما بين الحلم أو الرؤيا المستقبلية التي تكون وعي اللاجئين للمستقبل،

والسعي لخلق حاضر مناسب للمستقبل.

16

»إن الكاريكاتير ينشر الحياة دائما على الحبال، وفي الهواء الطلق، وفي الشوارع

العامة.. إنه يقبض على الحياة أينما وجدت لينقلها إلى أسطح الدنيا حيث لا

مجال لترميم فجواتها، ولا لتستر عورتها« .. ناجي العلي

17

لا فهي المخيم، أهالي حياة عن اليوم المخيم جداريات تعبر

بل فقط، السياسي الواقع تعكس رسومات فقط على تقتصر

مختلفة. وطنية ومناسبات اجتماعية، جوانب إلى تتطرق

التي تركز التعبيرات وبهذا شكلت الجدران فضاء مفتوح من

أغلبيتها على مواضيع اللاجئين، وحقوق العودة، وأسماء القرى

بين والفكري الاجتماعي، النسيج تعزيز المهجرة،وعملت على

الأهالي، فلم يكن الرسام هو الوحيد الذي كان يشارك في اللوحة،

بل كانت حالة جماعية، ومشاركة من أهالي المنطقة، منهم من

كان يعد القهوة، ومنهم من كان يشارك الحديث، والنقاشات،

جديدة أداة الجداريات شكلت وبهذا اللوحة. نوع واختيار

لتعزيز، وإعادة إحياء مفاهيم غابت نتيجة الظرف السياسي،

الذي الحالة الجماعية، والتعليم الجمعي مثل المجاورة وهي

يقوم على أساس التجارب، والخبرات في النقاشات والحوارات،

والمشاركة، والعام في المخيم )2( ...

والقناعات. والعواطف، المشاعر تشمل أن يجب الملكية:

شخصيا أنا أعتبر أن أهم الأمور التي على الإنسان أن يمتلكها

هي الأفكار والقناعات. لذلك الملكية لا تقتصر على الأرض أو

السيارة، لكنها تذهب إلى أبعد من ذلك إلى المعاني والأفكار..

اليوم هو الغدلذلك كان الجداريات

تعبر عن الماضي

والحاضر والمستقبل.

18

قصص الجدران

هي مجرد فكرة .. لا غيركانت الفكرة بأن نعطي جدران المخيم الرمادية الفرصة

للتحدث عن القصص، والحكايات التي عاشها أهل المخيم،بالإضافة إلى إعطاء أمل جديد للشوارع. لذلك قررت مجموعة من جيل الشباب برسم الصور، والأفكار، والحياة

التي عاشها أهالي المخيم؛ لتبقى تروي هذه القصص لكل من مر بجانبها.

لم تكن الرسومات على الجدران هدفاً فقط، بل كانت وسيلة لنشر الوعي، والثقافة التي عاشها أهل المنطقة، ورسالة لكل

زائر بأن المخيم ليس بمتحف بل هو تعبير مكثف عن الحياة. لذلك كانت الرسومات تحكي عن الشهداء والحياة والأدب

وغيرها .. في المخيم لم تكن الجدران خاصة بل كانت عامة من خلال حديثها عن قصص اللاجئين وحياتهم. ولم تكن الجداريات

مجرد رسومات، بل كانت مشاركة مجتمعية وحياة، ومشاعر جماعية كان لها قيمة أكبر من قيمتها كمادة، وهذا كان

المعنى العام لتعريف الملكية في المخيم.« )نص من كتيب الاستثناء في الملكية/ايسر الصيفي/ القاموس

الجماعي(

2013/5/14: الذكرى الخامسة والستون على النكبة. قمنا بمبادرة شبابية في السنوات الثلاث الماضية برسم مجموعة

التي العبارات من بمجموعة روفقت والتي الجداريات، من

صورت الواقع، وأغنت جدران المخيم بتصوير أحداث سابقة،

الجدران كوسيلة

إعلاميةعملت الجداريات في

المخيم على تحويل هذه

الجدران إلى وسيط

اجتماعي، ومساحة عامة.

19

المجتمع. بتعزيز ودُعم للمستقبل، وتنبؤات

ونتيجة لإيماننا بهذه الفكرة، أردنا إعادة إحياء

مجموعات تفعيل إعادة خلال من الفكرة،

مشتركة، فكرية أرضية بخلق ستقوم شبابية،

الجمعي، التعلم تبنى بشكل أساسي من خلال

الرسومات، بعمل القيام ثم ومن والمجاورة،

إعلام لتكوين المخيم، جدران على والكتابات

اجتماعي.

20

شباب بمشاركة المجموعة تفعيل إعادة هو المبادرة، هذه في خطواتنا أول

آخرين؛ لإعادة إحياء فكرة الجداريات من جديد. قمنا بسلسلة اجتماعات،

بمشاركة جداريتين برسم قمنا حيث النكبة، ذكرى في خطواتنا أولى وكانت

بالعودة، اللاجئين أمل عن تعبر الجداريتين إحدى المحلي.كانت المجتمع

والأخرى تعبر عن معنى المخيم بعد خمسة وستين عاماً من النكبة المستمرة،

فقمنا بدمج فكرة الاستدامة أي أن الفكرة لا تموت، ولا تنتهي، بل تنتقل من

جيل إلى آخر عن طريق رسم شخصية حنظلة بطريقة جديدة، تتمثل بحنظلة

21

الذين يوصونا بعودتنا، وحنظلة الطفل الذي يمثل الاجيال الجديدة.

السابقة، وسنعمل الرسومات ترميم إعادة القادمة سنعمل على الفترة خلال

التي تمثل الحاضر، ورؤيتنا للمستقبل؛ على مجموعة جديدة من الجداريات

لتكون الجدران قصصاً تروى للزائرين، وطريقة جديدة للتوعية والإعلام.

22

23

جداريات المخيم

26

الشهيدة آيات الأخرس، إحدى شهداء مخيم الدهيشة.

2011 -

27

اغتياله في 2002 خلال الدهيشة. تم الشهيد سائد سعود احد شهداء مخيم

دفاعه عن المخيم في الاجتياح الإسرائيلي المحتل لمنطقة بيت لحم.

2011 -

28

الشهيد كفاح عبيد، استشهد بعمر )14( عاماً على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي

خلال إحدى المظاهرات في بيت لحم في 2001/11/25.

2011 -

29

الشهيد احمد مصلح، أحد شهداء مخيم الدهيشة. يمكننا أن نرى أسماء شهداء

المخيم بجانب الجدارية، وهذا دليل وفاء أهل المخيم لهؤلاء الشهداء الذين

ضحوا بأنفسهم لأجل المخيم والقضية.

2009 -

30

لم تكن الجداريات في المخيم تحكي قصص الشهداء فقط، بل ضمت السياسيين

والرسامين والأدباء. هذه الرسمة للكاتب الفلسطيني غسان، لم تكن الجداريات

في المخيم تحكي قصص الشهداء فقط، بل ضمت السياسيين والرسامين والأدباء.

31

هذه الرسمة للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، الذي كتب عن الوضع السياسي

من خلال الفلسطيني السياسي الوضع مثل الذي العلي وناجي الفلسطيني.

رسم الكاريكاتور، وحنظلة الذي أصبح من أهم رموز النضال والثورة.

2012 -

32

الشهيد أبو علي مصطفى، أمين عام الجبهة الشعبية، الذي اغتيل في مكتبه عام

2001م، والذي عرف بمقولته الشهيرة “ عدنا لنقاوم لا لنساوم”.

2011 -

33

الشهيد قصي الأفندي، )17( عاماً. أحد شهداء مخيم الدهيشة.

2009 -

34

»شارع الشهيد أحمد مصلح”. هي طريقة أخرى لتكريم وتخليد هؤلاء الذين

ضحوا بأنفسهم من أجل الغير.

2006 -

35

عبارات سياسية، واجتماعية تعبر عن ثقافة المخيم ورأيه “لن أبقى لاجئ ...

36

الشهيد محمود المغربي، استشهد في الانتفاضة الثانية.

2010 -

37

الشهيد جاد عطا لله، أحد شهداء مخيم الدهيشة ومقاتليه.

2010 -

38

“الكلاشيه”، هي طريقة مختلفة للرسم. صورة للشهيد سائد سعود.

39

40

إحدى رسومات ناجي العلي

2010 -

41

والعودة والفكرة، النضال استمرارية تمثل التي علي ناجي رسومات إحدى

لكامل التراب الفلسطيني.

2010 -

42

43

إحدى رسومات ناجي العلي

44

رسمة للفنان الكاريكاتيري بانكسي. تم إعادة رسم هذه الصورة من قبل شباب

المخيم، بما يتناسب والواقع في المخيم.

2010 -

45

إحدى رسومات ناجي العلي التي تعبر عن تخاذل الحكومات العربية. »لا أرى..

لا اسمع .. لا أتكلم.. إسرائيل مرت من هنا “.

2011 -

47

الروح الثورية للجدارياتتمارا ابو لبن

هذه في دققت الدهيشة، مخيم في الجداريات تصوير إلى ذهبنا عندما

الجداريات، والتي تملأ المكان، فصحيح انني اعتدت على رؤية الجدران ملونة،

ومليئة بالكتابات، والشعارات منذ صغري في المخيم، ولكن الجداريات هنا في

تغير وتطور دائم، فالجداريات لا تمثل فقط حالة سياسية فحسب، بل هي تمثل

أيضا الحالة الثقافية في حقبة معينة.

الفن التشكيلي الفلسطيني ككل الفنون تأثرت بالوضع السياسي بشكل كبير،

الجماهير، حقد الفلسطينية المأساة فجرت حيث النكبة، بعد ما وخصوصا

ووسائل التعبير عنها؛ ولكن الفن الجرافيتي لم يظهر إلا في ستينيات القرن الماضي،

فمع النكسة شهدت الساحة الفلسطينية تغيرات كثيرة، كضياع الهوية، وبداية

المقاومة المسلحة؛ فظهر الفن الجرافيتي، ووقف في الجبهة ليؤازر هذه الحركات.

أخذت الثمانينيات؛ في الأولى الانتفاضة في الجدارية الرسومات خلال ومن

تتبلور بعض التعابير الثابتة، والمتكررة في الرسومات كالعلم، والحطة، وإشارة

النصر بالأصابع المفتوحة، وشجرة الزيتون وقبة الصخرة كرمز للدولة وللأرض،

وللعطاء الدائم.

بتوثيقها، والتي في معظمها التي قمنا الجرافيتي ما نظرنا إلى مجموعة وإذا

رسمت في السنوات الخمس الأخيرة، سنجد أنه يغلب عليها التأثر بشخصيات

48

شكلت الثقافة الفلسطينية في مرحلة ما بعد النكبة، مثل ناجي العلي، ومحمود

درويش، وغسان كنفاني، وغيرهم. فناجي العلي كون شخصية حنظلة الطفل

لموطنه ووجهه للمخيم، فظهره بلاده، إلى ينظر أن إلا يأبى والذي اللاجئ

فبعد المخيم. ثقافة عليها بنيت كثيرة رمزا لأشياء يشكل بالتالي هو الأصلي،

العديد من النكسات والثورات والانتفاضات والنضال بجميع الطرق، لا يظل

اللاجئ مكانه، ومع ذلك يؤكد هنا الفنان اللاجئ على رفضه للمخيم بعد أكثر

من )65( عاما. كما ويتم اختيار كلمات لترافق الرسم من شعر درويش، ومن

الأدب الفلسطيني بدقة وهي الكلمات التي تحاكي اللجوء.

الجرافيتي وامتلأت شوارع المخيم برسومات للشهداء مؤكدين على أن رسوم

تعين المارة، والمواطنين على تذكر الشهداء، وحقوقهم، ودمائهم، فبعد الانتفاضة

الثانية، وخيبات الأمل الكثيرة، يصر الفنانون على أن دماء الشهداء لم تذهب

هباء، بل أن كثرة الشهداء في المخيم هي رمز كرامة، واعتزاز، ويعبرون عن ذلك

بشكل واضح على الجدران.

الألوان المستخدمة في الجداريات تتصل بشكل كبير بقلة الإمكانيات، فاللون

أننا اعتبار إلي إضافة الجداريات، أغلب به في يرسم الذي اللون هو الأسود

في حالة لجوء، وحزن، فلا يليق بذلك إلا الأسود من وجهة نظر البعض. كما

من خلال سواء أجمل المخيم لجعل حالة الجدران على الرسومات وشكلت

والتي السياسيين، للقادة أو للشهداء، رسوم أو المعتادة، الفلسطينية الرموز

اعتبرت جميعها أجمل ما يمكن أن يعرضه مجتمع المخيم ليجمل به شوارعه،

فضمنيا تم رفض أن يحتوي المخيم على جداريات لا تنتمي إلى ثقافة اللجوء

هنالك كان جديدا فنيا انتاجا ينتج ان الفنان أراد لو فحتى والمقاومة،

اللجوء. لواقع الرافض الثوري للفن استمرارا يكون أن على ضمني اتفاق

49

فدائما أينما كانت هنالك روح ثورية تظهر الجداريات، ففي الثورة المصرية2011

تواكب هذا رسوم القاهرة الأولى ظهرت على جدران الثورة أيام ومنذ مثلا،

هو الرسم لأن وثيقة؛ والجرافيتي الثورة بين العلاقة فإن التاريخي، الحدث

من أسرع الطرق للوصول إلى الناس، فكما ينزل الناس إلى الشوارع؛ ليصرخوا

ضد الظلم، فهم يرسمون أيضا ضد الظلم، إنه فن مرتبط بالمشاعر الجماعية،

والأماكن العامة، ومع أن الجرافيتي يرسم من غير إذن مسبق إلا انه “يتمتع

في لك يؤكد أنه إلى إضافة والإعجاب، والتقبل، الشعبية، والإرادة بالشرعية

كل مرة تمر بجانبه على حرية التعبير، مهما حاول النظام الظالم، أو المحتل أن

يمنعها.

02

100 ق�صـــة

التوثيق الاجتماعي من خلال الرواية

52

محاولات لرواية القصصمئة قصة

وهي عبارة عن مبادرة تهدف إلى جمع أكبر عدد من

القصص، والتي تعبر عن حياة وواقع الشارع الفلسطيني،

بحيث تساعد رواية القصص على خلق حالة من

التفاعل الاجتماعي المباشر ما بين الراوي والمستمع. وبهذا

تساعد على توثيق الترابط الاجتماعي في المجتمع، وفي

نفس الوقت تسهم في توثيق مثل هذه القصص التي ما

تزال حتى يومنا هذا محكية، وغير موثقة. ومن جانب

آخر،تسهم هذه المبادرة في إبراز أهمية الأشخاص عبر

القصص التي يروونها والتي تحكي أحداثاً، ووقائع حكيمة،

منها المرير ومنها المفرح، منها الحزين، ومنها المبهج. وهي

أيضاً أسلوب سهل، وبسيط للتعبير عن الواقع بطريقة

بسيطة، وبكلمات سلسة، ومفهومة، ومن خلال هذا فهي

تساعد على خلق حالة من التفاهم، والتجمع بين أفراد

المجتمع.

53

قهوة »على الريحة«

في المخيم وكما يعرف الجميع، إن كل البيوت متلاصقة إلى

حد كبير، ونوافذها تنفتح على بعضها البعض، لذا لا توجد

خصوصية للبيت ولساكنيه. بناء على ذلك، يصمم الناس

بيوتهم، ويبنونها بناءً على ما يحيط بها من بيوت أخرى،

نافذة مطبخنا كبيرة، ويفصلنا عن جيراننا مسافة تقل عن

المتر. وأمام نافذة المطبخ هذه توجد نافذة الجيران التي هي

نافذة مطبخهم أيضاً. وفي أحد الأيام، رأيت جارنا يحفر ويعيد

تصميم بناء بيته حيث بقي لمدة أسبوعين على هذه الحال.

وفي صباح أحد الأيام، حيث كنت أحضر القهوة اطلعت

من الشباك، فإذا بي أشاهد جارنا، والذي قد حول مطبخه

إلى حمام، ورأيته جالساً في الحمام مغفلاً إغلاق النافذة )أو

متعمداً ذلك؛ لأنه لا يمكن له إغلاقها طوال الوقت، كي يسمح

بتهوية الحمام( حيث تلاقت أعيننا، فقلت له على الفور:

»كيفك يا جار« فأجابني: »الحمد لله« وهو جالس على

كرسي المرحاض! فقلت له: »شو بتسوي هان؟« فقال لي: »أنا

عارف!« فصمتنا للحظة ثم بدأنا بالضحك مفكرين كيف

يمكن لنا أن نحل هذه المشكلة!

54

»زي القرد«

خلال الانتفاضة الأولى )1987 – 1988( كان الاحتلال يفرض

منع التجوال في معظم الأحيان على المنطقة، وخصوصاً

على مخيم الدهيشة، حيث كان الناس يتنقلون عبر البيوت

متجنبين التنقل عبر الشوارع، وكنا نتشارك ما لدينا من مواد

غذائية أساسية )كالطحين، والسكر، والملح، والطعام الخ ...(

ونوزعها على بعضنا البعض. وتصادف أن صهري كان ينوي

زيارتنا في ذلك الوقت، فاخبرنا بنيته وعن انطلاقه من بيته،

فكان من الضروري أن نقوم بمراقبة الطريق له مستعملين

في ذلك سطح منزلنا كنقطة مراقبة. فأشرنا له بأن الطريق

آمن، وأن بإمكانه العبور نحو بيتنا، وبعد أن قطع نصف

الطريق، سمع وقع خطوات، اعتقد خطأ أنها وقع خطوات

أبيه وعمه، فاختبأ في زاوية الطريق، وتصادف أيضاً أن دورية

راجلة من جنود الاحتلال المكلفين بتطبيق منع التجول، كانوا

يمرون من نفس الطريق التي اختبأ صهري في إحدى زواياها.

ونحن بدورنا شاهدنا الحدث، وحاولنا إخباره بان وقع هذه

الخطوات هو لجنود هذه الدورية الراجلة وليس لأقاربه،

ولكننا لم نتمكن من ذلك، كي لا نعرضه للاكتشاف من قبل

الدورية؛ لأن محاولة الصراخ عليه سوف تلفت أنظارهم.

فاقترب من الجنود فإذا به يقفز أمامهم “زي القرد” محاولاً

مفاجأتهم حيث قال لهم في تلك اللحظة “بخخخخ” فما كان

منهم بعد أن فزعوا أن انهالوا عليه بالضرب الشديد، فكان

يبكي تارة، ويضحك تارة أخرى، ونحن بدورنا نراقب الحدث،

ونبكي تارة ونضحك أخرى.

55

»شو بدنا نسوي؟«

قبل الانتفاضة الأولى وفي انطلاقة الجبهة الشعبية، شن

الاحتلال حملة ضارية ضد الكتب الموجودة في المخيم، والتي

كانت كتب قيمة ذات طبيعة فكرية، وسياسية لا يسهل

الحصول عليها في ذلك الوقت إلا من خلال ما تتيحه المعارض

السنوية المقامة في مختلف أنحاء فلسطين، والتي ترفع ثمن

الكتب بدلاً من أن تخفضها. وبالرغم من قلة هذه المعارض،

وبالرغم من أن القدرة الشرائية للأفراد كانت محدودة إلا

أنهم كانوا يسعون دائماً لشراء الكتب، لذا فالكتب غالية على

من يقتنيها؛ لأن مقتنيها قد تكبد العناء في سبيل ذلك. في

56

ذلك الوقت اقتحم جيش الاحتلال عدداً من البيوت، وأخذوا

بجمع الكتب وتمزيقها وإحراقها، فقلت لزوجي: »شو بدنا

نسوي؟« حيث استغرق في التفكير ولم يجبني. وبعد عدة أيام

اعتقل زوجي من الشارع وحبس، فبقيت أنا وعمتي وحدنا

في البيت. فقررنا أن نحمي الكتب وذلك بان نضعها في كيس،

وندفنها بجانب البيت، تحسباً لما قد يحدث. وبعد أيام قليلة

داهم الجيش بيتنا »ونفلوا الدار« ولم يجدوا كتباً، ففرحنا لأننا

أنقذنا الكتب، وعندما حاولنا استرجاعها بعد عدة أيام ماطرة

من مكان دفنها، وجدناها قد تلفت حيث التصق بها الطين

وتحللت أوراقها ولم نستطع استصلاح أي كتاب منها، فحزنا

كثيراً ولم نعرف »شو بدنا نسوي؟« فأخذنا نسب على الاحتلال

وعلى اليوم الذي رأيناه فيه.

57

طريق الآلام

في الأيام الخالية لم يكن لدينا مياه تصل لبيوتنا، ولهذا كنا

نذهب إلى عين أرطاس حاملين معنا صفائح )تناك( نملئها

ماءً من العين، وكنا ننزل مجموعات )أسراب أسراب( من

الحارة إلى عين الماء، وكانت النساء من قرية أرطاس يقلن لنا:

»خلصتو النبع!« وكنا نحمل صفائح الماء على رؤوسنا، ونصعد

كل الطريق إلى الجبل حيث كانت الطريق وعرة، ومليئة

بالحجارة وطينية. بمعنى أن الوضع كان صعباً »زي العمى«

فحيث كنا نتزحلق كثيراً، فنقع، وتندلق صفائح الماء، فنأخذ

بالبكاء؛ لأن أهلنا يحتاجون لهذا الماء كي يشربوا ويعتاشوا

منه، لذا كنا مضطرين للعودة من جديد إلى عين الماء كي نملأ

الصفائح، ونحن نبكي.

58

»حتى ترجع البلاد«

في أحد الأيام كنت جالساً مع جدتي »ستي« وابنة عمها، فقالت

جدتي لابنة عمها: »بتتذكري يا خديجة كيف اجوزتي؟« فردت

خديجة قائلة: »أووووف تعذبنا حتى كدرنا نتجوز«. كنا أنا وعبد

الله مخطوبين من »من أيام البلاد« أي قبل النكبة، ثم بعد النكبة

أي في عام 1948م خرجنا من البلاد وانتقلنا إلى المخيمات ونحن

مخطوبين. وكان عمي يصر على أبي ويقول له: “يلا يا أبو محمد

بدنا نجوز لولاد”. فيرد أبي قائلاً: “والله ما بجوزهم حتى نرجع

على البلاد”. فهل يجوز أن يتزوج الإنسان خارج بلده. وتوالت

الأسابيع والأشهر ووجهاء العائلات يقصدون أبي راجينه أن يقبل

تزويجنا، أما أبي فقد كان يرفض ويصر على موقفه: “حتى ترجع

59

البلاد”. إلى أن طال أمد القصة وإلى أن تمكن الوجهاء من إقناعه بأن إقامتنا

هنا ستطول، حيث وافق بعدها على تزويجنا فتزوجنا.

حرب الملوخية ونحن صغار كان يتجول الكثير من الباعة في سيارتهم حيث يمرون

من الحارة، وكان معظم هؤلاء الباعة من قرية جنوب الخليل اسمها

»بيت عوا« ولكنهم كانوا يسكنون في بيت لحم، أما نحن، فكنا على

الدوام نلعب في الشارع، وعندما نرى أو نسمع صوت سيارة أحد

هؤلاء الباعة الذين يبيعون الملوخية، نقيم عرساً، حيث يفرح الجميع،

كما وأنها وليمة من السماء حيث تبادر نساء الحارة بمفاصلة البائع

على السعر وإتمام صفقات شراء الملوخية، وكنا نلتف حولهن على

شكل حلقة مستمتعين بهذا المشهد، وكنا نقتنص هذه الفرصة كي

نستلب بعض أعواد الملوخية، ونلوذ بالفرار. حيث كان لكل منا هدفه

من هذا السطو الأخضر. المهم أنه بعد أن تغادر سيارة الملوخية

تخضر الحارة من بقايا أعواد الملوخية. وكان الكثير منا يستفيد من

هذه الأعواد في صناعة حرب الملوخية، أما البعض الآخر، فكانوا

يقشروا هذه العيدان ويجففونها كي تصبح قابلة للتدخين. يعني أن

أعواد الملوخية كانت متعددة الاستخدام. وفي إحدى المرات نذكر أننا

قد سطونا على إحدى سيارات الملوخية التي فرغت، ولم يبق فيها

سوى بعض الأعواد، فأصبح لدينا اكتفاء ذاتي من أعواد الملوخية لمدة

شهر. لذا فقد جلبت لنا سيارة الملوخية وسائقها

»أبو شنب« والذي يمتاز بعصبيته الدائمة، وأعواد الملوخية الكثير من

السعادة أيام الطفولة فكان يوم الملوخية هو يوم السعد بالنسبة لنا

في ذلك الوقت.

60

»البكجة«

كانت وكالة الغوث توزع حزمة »بكجة« من الملابس، والتي

تكون على شكل كيس مربوط )والذي يمكن أن يكون من

القماش أو الأغطية أو حتى الملابس الكبيرة التي تصمم على

شكل كيس مربوط(. وعندما تأتي »البكجة« هذه يكون

يوم قدومها يوم احتفال في البيت، بمعنى آخر أنها فرصة أو

غنيمة لا تعوض )اللي صحلنا ما صح لحدا(، وفوراً كنا نفك

»البكجة« ونقلبها كي نجد فيها ما يناسبنا، في إحدى المرات،

وجدت بنطالاً وكأنه قد فصل على مقاسي، ففرحت كثيراً »ما

حدا قدي«، المهم أنني أخذت هذا البنطال، ولبسته، وخرجت

به إلى المخيم أجوب شوارعه مفتخراً لأني ألبس بنطالاً جديداً

61

غير مرقع. ولكن نظرة أترابي من الأولاد كانت غريبة بعض الشيء، وهذه

النظرات جعلتني أحس بأني مختلف عنهم، كل بناطيلهم كانت مرقعة إلا

بنطالي!!، وأنا راجع إلى البيت، وقب أن أصل حارتي أحضرت قطعة زجاج،

ومزقت بنطالي من عند الركبة، ومن ناحية الجيوب كي تخيط أمي الرقع عليه

فأصبح غير مختلف عن أبناء جيلي. فلوهلة شعرت أني غريب عنهم بسبب

البنطال. ولا يجدر بي أن أشير إلى ما فعتله أمي عندما شاهدت بنطالي الجديد

الممزق.

أول »فطبل« في المخيم زمان وعندما كنا نلعب كرة القدم »فطبل« كنا نحضر بالوناً

ننفخه ونلبس عليه جوارباً »جرابين« ثم نلفه بخيوط صوف إلى

أن يصبح قوياً ويتحمل ركلاتنا القوية، كان العمر الافتراضي لهذه

الكرة هو أسبوع أو عشرة أيام على الأكثر، وفي إحدى المرات خطر

ببالنا أن نشتري كرة قدم حقيقية فأخذنا نفكر كيف يمكن لنا أن

نجمع ثمنها، فقررنا نحن أولاد الحارة أن نجمع مصروفنا – والذي

كان لا يتجاوز تعريفة أو قرشاً في أحسن الحالات، وبدأت عميلة

جمع النقود حيث استمرت مدة )3( شهور. كنا نجتمع كل يوم

نحسب النقود ونحسب المتبقي لثمن شراء الكرة. كانت هذه

الكرة بمثابة الحلم لنا كلنا، كانت شيئاً غريباً ورائعاً. وبعد )3(

شهور جمعنا كل المبلغ الذي كان دينارين ونصف تقريباً، وهنا

بدأ الخلاف على من ستوكل له المهمة كي يذهب إلى بيت لحم،

كي يشتري الكرة، فلماذا يذهب فلان ولا يذهب فلان، فاضطررنا

لعمل قرعة فكانت النتيجة بان ذهب )3( أطفال إلى محل لبيع

الكرات في بيت لحم وإلى منطقة تسمى اليوم “السينما” وكان

62

يعمل في هذا المحل شاب من المخيم حيث باعنا الكرة، وقد

نشب الخلاف بعدها على من سيقوم بحمل الكرة في طريق

العودة للمخيم، واتفقنا أخيراً أن يحملها كل واحد منا قليلاً،

وألا نلعب بها في طريق العودة؛ كي لا يغضب الآخرون. كانت

بيت لحم في ذاك الوقت مكشوفة على المخيم، حيث لم توجد

مثل هذه العمارات والبيوت الموجودة حالياً، المهم أننا حين

عدنا وجدنا معظم أولاد وشباب المخيم في انتظارنا على سفح

جبل “أنطون” حيث كانوا يلوحون لنا بأيديهم وكأننا قد عدنا

من سفر بعيد أو كمن عاد منتصراً بعد تحرير بلاده. كانت

هذه قصة أول “فطبل” يدخل المخيم. وعلى فكرة فان هذه

الكرة لا تزال موجودة عند ابن جيراننا في الحارة.

03

الملتـقى الأدبـي

اعادة تفعيل أدب المخيم

66

شكلت النكبة الفلسطينية وما حل بعدها من جرائم،

وصراعات منذ بداية النكبة حتى اليوم، الأرض الخصبة

لكثير من القصص، والروايات التي نتجت كوسيلة للدفاع

عن الحقوق الوطنية، والتاريخية، والحضارية للشعب

الفلسطيني. فاعتبرت الأدب بكافة أشكاله وسيلة جيدة

للحفاظ على الثقافة الفلسطينية التي كانت سائدة،

وطريقة للدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال تأريخ

وحفظ الأحداث والقصص التي نتجت عن هذه النكبات.

67

الأدب والنكبة

واقعية، حاجة وضرورة نتيجة جاء الأدب، إلى الفلسطيني الكاتب لجوء إن

دفعت الأدباء إلى استخدام الكتابة كوسيلة للتعبير عن آرائهم، فعندما أدرك

الاحتلال دور الأدباء في توعية الشعب الفلسطيني وتنويرهم وتحريضهم على

الواقع، عمل على كبت الحريات، وفرض حصار ثقافي، وملاحقة الأدباء وزجهم

في السجون. وبالرغم من كل هذا استطاع الكاتب الفلسطيني إكمال مسيرته،

الإسرائيلية الرقابة على للتغلب وسيلة الأدبية والرموز الكتابة في ووجدوا

العسكرية، ومتنفسا للتعبير عن أفكارهم ومواصلة إبداعهم.

إن طبيعة الصراع بين الشعب الفلسطيني، والاحتلال الصهيوني، جعل مواضيع

تأثير مباشر ،ولها تتعلق، وترتبط بهذا الصراع الأدب تدور حول موضوعات

على حياة الشعب، ومصير مستقبله، وأهم هذه الموضوعات: الأرض، والاحتلال،

والمقاومة، والفقر، والثورة. وكما هو معلوم فإن الأدب هو وسيلة من وسائل

الظرف نتيجة التي جاءت والتجارب الآراء، والأحاسيس، المباشرة عن التعبير

السياسي الفلسطيني الذي أخضع الكتاب لرقابة عسكرية.

لم ينفصل كتاب وأدباء فلسطين عن واقعهم، بل كانوا مرآة للمجتمع، لمسوا

العابثين بمواقفهم وشعاراتهم. ومثال على ذلك كنفاني معاناتها، ووقفوا ضد

وغيره من الأدباء الذين اعتمدوا الواقعية في رواياتهم وكتاباتهم التي حملت

مفاهيم الوطن ومعاناته مثل )أم سعد - التي ترمز إلى الأرض والأم الفلسطينية،

التي ضحت بأبنائها لأجل الوطن، امرأة مكافحة (، )فرع الدالية – في رواية أم

68

سعد( ويعني الأمل، )أبو خيزران أحد شخصيات الرواية - القيادة الفلسطينية

في رواية رجال تحت الشمس(.وبهذا لعب الأدب دوراً مهما في جمع العديد

من الكتاب في نسيج اجتماعي وفكري مشترك تحت مظلة الوطن.

الملتقى الأدبي

بين مناقشتها يتم التي الأفكار من مجموعة تراكم عن عبارة الأدبي الملتقى

أجيال المخيم المختلفة، وهي بعمل مجموعة من النشاطات تخرج عن إطار

بطبيعة يرتبط واقع جديد لتكوين المؤسساتي؛ والاحتكار السياسية، الأحزاب

فهم الأجيال للحاضر، والمستقبل، ويكون بناءً عليه في المدى البعيد إنشاء مكان

الملتقى الأدبي والذي سيكون التراثي، يحمل اسم المخيم بتصميمه عام داخل

المخيم، وسيكون المخيم هو المسؤول الأول يتشارك فيه أجيال ثقافياً ملتقى

عنه، بحيث سيتم الجمع بين أمرين هامين، الأول: هو إنشاء، أو إيجاد مكان

عام في المخيم، والثاني إعادة إحياء النشاطات الثقافية، وبالتالي سيكون هنالك

منتوجاً ثقافياً باسم المخيم، والذي من الممكن أن يتم التعبير عنه عن طريق

الكتيبات، أو المجلات، أو حتى الأفلام الوثائقية.

69

صورة: نص من رواية جديدة، لم تطبع بعد. تحكي عن المخيم والمستقبل

عاشها التي القصص فكرة جمع استخدام أولى عن طريق بخطوة بدأنا لقد

دعماً ولاقت الفكرة، تلك حول الناس لحشد ووسيلة كمدخل المخيم أهالي

ويرغبه يفهمه، بسيط بأسلوب الواقع تمثيل إعادة بسبب وذلك اجتماعياً،

الجميع، تلاها سلسلة من ورشات العمل التي قمنا بها في مواقع مختلفة، حول

والمشاع)2(، المواطنة)1(، مثل مخيم« في »جامعة في مناقشتها تم مواضيع

ومواضيع سياسية، فكانت وسيلة جيدة لمشاركة المجتمع المحلي بهذه الأفكار

التي نتناولها، وإيجاد مجموعة من الشباب تهتم بالحفاظ على المستوى الثقافي

في المخيم.

70

الثقافي التواجد تفعيل عن عبارة أيضاً هو الأدبي، الملتقى من الآخر والشق

في المخيم، وكسر الجمود الثقافي من خلال مخيمات صيفية أدبية تعمل على

خلق كتاب وروائيين قادرين على النهوض بالحالة الثقافية، والمشاركة في عرض

المخيمات هذه طريق عن الأدب، خلال من والسياسة المجتمعية، القضايا

الأدبية سيتم التشبيك مع كتاب دوليين للمشاركة، بالإضافة إلى دعوات محلية.

---------------------------

)1( من كتيب المواطنة

)2(من كتيب المشاع2

71

الإعلام الاجتماعي

عادة عندما نستمع إلى مصطلح الإعلام الاجتماعي، يتبادر إلى أذهاننا فكرة

الإعلام المسموع، كالمذياع أو الإعلام التلفزيوني، أو الإعلام المقروء كأداة وأسلوب،

والمفهوم الاجتماعي كهدف. هذه التصنيفات التي جاءت مع النمو، والتطور،

والتنمية، والعولمة، لذلك أصبحنا نركز على الأداة والأسلوب الذي يتماشى مع

هذا التطور متجاهلين المعنى الحقيقي للمفهوم الاجتماعي الذي تلاشى بسبب

مفاهيم الإعلام الحديث. ولم نحاول فهم المعنى الاجتماعي كأداة وهدف.

وارتباطه عام، بشكل الإعلام لأهمية إدراكنا خلال من المبادرة هذه ظهرت

مركز تكوين على بالعمل فبدأنا للمجتمعات. تقديمها يمكن التي بالرسالة

إعلامي بالصورة النمطية المعتادة من خلال البحث عن الأدوات التكنولوجية

نود طرحها .خلال سنة من التي الرسائل التي تعرض الأفلام لصناعة اللازمة

ورشات العمل، والنقاشات في »جامعة في المخيم« حول مفهوم الإعلام، توصلنا

إلى أن الوسيط هو الرسالة، فبدأنا بتغيير أسلوب العمل ليتلاءم مع هذه الأفكار

الجديدة التي تم طرحها. أي أن الوسيط هو المجتمع، وهو الرسالة بحد ذاتها.

ومحاولة التركيز على أهمية المجتمع في نقل تلك الرسائل، وخلقها من خلال

أساليب بسيطة استخدمت فيما قبل، وتم إهمالها على حساب أساليب وأدوات

الإعلام الحديثة.

72

إلى التطرق بدون البسيطة، الأدوات لتلك استخدامنا وراء من الهدف كان

البسيطة في الوسائل الحديثة هو أهمية تلك التكنولوجية الوسائل استخدام

السنين، مر استخدمت عبر التي المجتمع أفراد بين الاجتماعي النسيج تمكين

الفلسطينية. هويتنا تشكيل في ساهمت التي المكونات أهم إحدى وكانت

بصورة وسياسية اجتماعية، رسائل نقل في البسيطة الأساليب تلك ساعدت

سلسة وبسيطة يفهمها الجميع.

في هذه المبادرة تطرقنا إلى استخدام ثلاث وسائل، والتي هي في نهاية المطاف

تسهم في تشكل نفس الجسم، وتصب في نفس المجال إلا وهو الإعلام المجتمعي،

تلك الوسائل هي كالتالي: القصص، والجداريات، والملتقى الأدبي. سيتم التطرق

في هذا الكتيب الى شرح بسيط لهذه المبادرات.

74

للاتصال بناwww.campusincamps.ps/projects/06-the-pathways

murad.odeh@campusincamps.psaysar.alsaifi@campusincamps.ps

للمزيد من المعلومات

info@campusincamps.ps

75

جامعة في المخيم

جامعة في المخيم هو برنامج تعليمي تجريبي لمدة سنتين، يضم مشاركين من مخيمات الضفة الغربية في

محاولة لخلق طرق جديدة لتمثيل اللاجئين الفلسطينين بعيدا عن الطرق القديمة والتقليدية والرموز التي

تدل على ان اللاجئ ضحية وضعيف وسلبي وفقير. يهدف هذا البرنامج الى تخطي الفروقات دون اهمال

الاختلافات بين المخيم والمدينة، اللاجئ والمواطن، المركز والمحيط، النظرية والممارسة، المدرس و الطالب.

مدير البرنامج

أليساندرو بيتي

بالتعاون مع

ساندي هلال )برنامج تحسين المخيمات- الانروا(.

المشاركون

قصي أبو العكر، علاء الحموز، صالح خنة، احمد اللحام، أيسر داود، بيسان الجعفري، نداء الحموز، نبا

العاصي، اسحق البربري، آيات الطرشان، مراد عودة.

الموجهون:

منير فاشة، ايمن خليفة، ربى صالح، طارق همام، محمد جبالي، إيلانا فيلدمان، مايكل أجير.

فريق المشروع:

ياسر حميدان، الاء جمعة، تمارا ابو لبن، دينا قدومي.

مفعلو البرنامج:

برافي نيو البس، جوليانا روكو، ماثيو جيودي، سارا بلجريني.

معلمو الانجليزية والعربية:

دانيال ماكنزي، ايمن خليفة، سميح فرج ،ايمان سيمون.

ضيوف البرنامج:

ابو رحمة، ويلفريد باسل عباس، روني كاتنزارو، باتريك ليندا كيكيكس، فيفيان صنصور، سري حنفي، جراف، طارق دعنا، فليكتي سكوت، محمد جبالي، مختار كوكاشي، حنان طوقان، شادي شلشتوري، جفري

شامبلين، مانويل هرز، سي كي راجو، فرناندو رامبرز، ايميليو بابد، سامر عبد النور.

هذا المشروع مُنفذ من قبل جامعة القدس )القدس/بارد( و باستضافة مركز الفينيق في مخيم الدهيشة/بيت لحم. وينفذ بدعم من الصندوق

الاجتماعي والثقافي للاجئين الفلسطينيين وسكان غزة GIZ، وهو ممثلا عن الحكومة الألمانية وعن الوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي و

التنمية. بالتعاون مع دائرة تحسين المخيمات التابعة لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين )الأونروا(.

محتوى هذه الكتيبات ليس بالضرورة ان يمثل المؤسسات المذكورة أعلاه.

76

مبادرات

الأزقة: إعادة كتابة الرواية

تحرير النص:

أيمن خليفة، يوسف عدوي

مونتاج الكتيب

سارة بلجريني، تمارا أبو لبن

تصوير

تمارا أبو لبن

طبع في تموز 20-07-2013

حقوق الطبع محفوظة

www.campusincamps.ps

“،� في المخيم وك� يعرف الجميع، إن كل البيوت متلاصقة إلى حد كب

ونوافذها تنفتح على بعضها البعض، لذا لا توجد خصوصية للبيت

ولساكنيه. بناء على ذلك، يصمم الناس بيوتهم، ويبنونها بناءً على ما

يحيط بها من بيوت أخرى، نافذة مطبخنا كب�ة، ويفصلنا عن ج�اننا

مسافة تقل عن المتر. وأمام نافذة المطبخ هذه توجد نافذة الج�ان

الأيام، رأيت جارنا يحفر أحد أيضاً. وفي نافذة مطبخهم التي هي

ويعيد تصميم بناء بيته حيث بقي لمدة أسبوع¯ على هذه الحال.

وفي صباح أحد الأيام، حيث كنت أحضر القهوة اطلعت من الشباك،

فإذا º أشاهد جارنا، والذي قد حول مطبخه إلى ح�م، ورأيته جالساً

ذلك؛ لأنه لا ½كن له النافذة (أو متعمداً في الح�م مغفلاً إغلاق

إغلاقها طوال الوقت، Ä يسمح بتهوية الح�م) حيث تلاقت أعيننا،

فقلت له على الفور: «كيفك يا جار» فأجابني: «الحمد لله» وهو

جالس على كرسي المرحاض! فقلت له: «شو بتسوي هان؟» فقال لي:

«أنا عارف!» فصمتنا للحظة ثم بدأنا بالضحك مفكرين كيف ½كن

!لنا أن نحل هذه المشكلة

06

الأزقــةإعادة كتابة الرواية

18.06.2013

جامعة في المخيمالمبادرات