عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffthflffi 2016...

123 ياساتة السث ودراس بحا لركز العر ا باحث* * Researcher at the Arab Center for Research and Policy Studies. * Ahmad Qassem Hussein | م حسين أحمد قاسالتنوعص و الدولية: التخصقاتت الع نظرياInternational Relations eories: Discipline and Diversity International Relations eories: Discipline and Diversity لغته: لكتابوان ا عن التنوع.ص و الدولية: التخص قاتت الع نظريالكتاب:وان ا عن، وستيف سميث. ميليا كور تيم دان، وؤلف: ا ا. الخا د جم: ا.و ا الطبعة:.(016 : سنة النياسات.ة السث ودراس بحا لركز العر ا:لنا ا صفحة.863 لصفحات:د ا عد

Upload: others

Post on 02-Sep-2019

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

123

123123

* باحث يف املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات* Researcher at the Arab Center for Research and Policy Studies.

*Ahmad Qassem Hussein | أحمد قاسم حسين

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع International Relations Theories: Discipline and Diversity

International Relations Theories: Discipline and Diversity :عنوان الكتاب يف لغته

عنوان الكتاب: نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع.

املؤلف: تيم دان، وميليا كوريك، وستيف سميث.

املرتجم: دميا الخرضا.

الطبعة: األوىل.

سنة النرش: 016).

النارش: املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.

عدد الصفحات: 863 صفحة.

Page 2: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 124

المقدمةإّن تخصص العالقات الدولية حقٌل معريف معّقد ومتفرع يركّز عىل فهم

ديناميات القوى املؤثرة يف السياسة الدولية وتفسريها؛ لذلك يشمل

أغلب الكتابات التي تناولت بالرشح والتحليل نظرية العالقات الدولية

عدًدا من املواقف النظرية والنظم الفكرية املهيمنة تاريخيًا عىل هذا

الحقل املعريف؛ بحيث يشرتك جميعها يف أهمية النظرية يف فهم العامل

وتفسري العالقات بني الدول، وأّن كّل النظريات تنبثق من نظم فكرية

كثرية االختالف، لكّنها تسعى لخلق روابط منطقية بني التنظري والواقع.

إّن التعدد يف مدارس العالقات الدولية يجعل من الصعوبة مبكان إغفال

الدور اإليجايب لكّل مدرسة يف فهم الظاهرة الدولية وتفسريها ودراسة

تحوالتها وتطورها، وتعمل كّل مدرسة عىل تفكيك جانب مهم منها

وتعيد تركيبه وفًقا لفرضياتها التي ال تتوافق بالرضورة مع ما تنطلق

منه املدرسة األخرى، لذلك يذهب بعض الباحثني يف العالقات الدولية

إىل رضورة تبّني أكرث من نظرية من أجل تكوين فهم موضوعي وتفسري

منطقي للظاهرة موضوع الدراسة. وهو ما ذهب إليه ستيف سميث

منفصلة جوانب إىل تتطرق النظريات إّن قال حني Steve Smith

ومختلفة من عامل العالقات الدولية، وإّن دارس العالقات الدولية ميكنه

النظريات بني من Pick and Mix واملزج االختيار طريقة اعتامد

وتطبيقها عىل الظاهرة الدولية موضوع البحث والدراسة(1).

إضافة والتنوع" التخصص الدولية العالقات "نظريات كتاب يُعّد السياسية العلوم تخصص يف العربية املكتبة إىل ومهمة جوهرية للدارسني واملعلمني، من حيث األفكار األساسية املرتبطة بالنظرية يف تساعد التي والوسائل باألدوات الدولية(IR) وغناه العالقات حقل

نظريات يف: الدولية"، العالقات نظرية يف والتخصصية "التنوعية سميث: 1 ستيف (الدوحة: الخرضا(مرتجمة)، دميا والتنوع، مجموعة محررين، التخصص الدولية: العالقات

املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات، 016))، ص )6.

تفسري عىل قدراته وتعزيز فهمه تطوير عىل الطالب أو الباحث الظاهرة الدولية بكّل أبعادها. وهو مبنزلة دليل للباحث يف نظرية العالقات الدولية يرشده إىل التفكري يف األسئلة الراهنة التي تهيمن عىل حقل العالقات الدولية؛ كاألسباب الحاكمة للتعاون بني الدول، والعوامل التي تقود إىل الحرب؛ إذ تعطي النظريات تفسريًا ألسباب

تلك الظواهر من خالل تزويدنا بعدد كبري من الفرضيات املختلفة.

يرد العنوان الفرعي للكتاب مركّبًا عطفيًا (التخصص والتنوع) ليدّل بأنواعها، الدولية العالقات نظرية تناول يف والدقة العمق عىل واختالف البنى والنظم الفكرية املميزة لها التي تعكس املجهودات الفكرية الرصينة لعدد كبري من منظّري العالقات الدولية، وتعالج أعقد التكنولوجية الثورة النظرية، يف عرص الدقيقة يف حقل املوضوعات يف ودورهم الدوليني الفاعلني شكل يف رسيع تطوٍر من نتج وما املتسارع يف استخدام أدواٍت الدويل من جهة، والتغيري النظام بنية

وأساليَب نظرية يف فهم الظاهرة الدولية، من جهة أخرى.

يقع الكتاب يف خمسة عرش فصاًل؛ تتمحور تسعة فصول منها حول

والليربالية والليربالية، الواقعية وهي: الدولية، العالقات نظريات

والنظرية واملاركسية، والبنائية اإلنكليزية، واملدرسة الجديدة،

الخرضاء، والنظرية البنيوية، بعد وما النسوية، والنظرية النقدية،

وما بعد الكولونيالية. وتتناول الفصول األخرى هوية حقل العالقات

والعوملة. املعيارية والنظرية االجتامعية بالعلوم وعالقته الدولية

النظريات من بدًءا متصل لتسلسٍل وفًقا الفصول تلك وتنتظم

العريقة يف بداية الكتاب وصواًل إىل النظريات األكرث حداثة.

بالواقع من خالل النظرية ربط العديدة فصوله الكتاب يف يحاول

مقالة أو كتاب انتقاء والحاالت، فضاًل عن األمثلة دراسة عدد من

فيها األفكار األكرث تفصياًل ورشًحا للنظرية موضوع الدراسة. وينتهي

كّل فصل مبجموعة من األسئلة تتمحور حول النقاط األهم يف سياق

البحث من مزيًدا تتيح اإللكرتونية املواقع من ومجموعة الفصل،

والتوّسع يف دراسة النظريات.

أواًل. العالقات الدولية: جدل إبستمولوجي

األوىل، رئيستني؛ مبسألتني عموًما االجتامعية العلوم فلسفة تُعنى

طبيعة العامل "أنطولوجيا العامل"، والثانية طبيعة التفسري؛ أي ماهي

املناهج الواجب اتّباعها للوصول إىل التفسري())؟ يف هذا الصدد، تقّدم

2 أيان كريب، النظرية االجتامعية من بارسونز إىل هابرمس، محمد حسني غلوم(مرتجم)، ط1 (الكويت: سلسلة عامل املعرفة، 1999)، ص 1).

Page 3: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

125مراجعات وعروض كتب

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع

ميليا كوريك Milja Kurki أستاذة نظرية العالقات الدولية يف جامعة

أبريستويث، وكولن وايت أستاذ العالقات الدولية يف جامعة إكسرت،

رؤيًة عن فلسفة العلوم االجتامعية ضمن نظرية العالقات الدولية.

مل يتناول أغلب األدبيات التي تطرقت إىل نظرية العالقات الدولية

هذا الجانب بالتفصيل؛ بحيث كانت القضايا الفلسفية ضمن أفكار

منظري العالقات الدولية ومزاعمهم.

Meta-Theory لذا اعتمد هذا الفصل عىل حوارات النظرية الشارحة

االجتامعية بحيث العلوم بفلسفة املتعلقة القضايا وهي مجموعة

تتعمق يف االفرتاضات الكامنة لكّل نظرية، وتحاول فهم نتائج هذا

النوع من االفرتاضات عىل عملية التنظري ومامرسة البحث التجريبي.

وتركّز النظريات الشارحة التي تتناول فلسفة العلوم االجتامعية يف

تخصص العالقات الدولية عىل سؤالني متداخلني، هام:

تتضّمنه الذي وما فن؟ أم علم؟ الدولية العالقات تخصص هل

الدراسة العلمية للسياسة العاملية؟

ملدة زمنية طويلة من تاريخ العالقات الدولية بوصفه حقاًل معرفيًا،

املعرفة أّن ترى فهي املسيطرة؛ العلمية الفلسفة الوضعية كانت

العلمية ال تنبثق إال من خالل جمع بيانات ميكن مشاهدتها ورصدها

بشكل يقود إىل تراكٍم معريف يساعد يف اكتشاف أمناط تتيح بدورها

الطريقة الوضعية عىل تشكيل يقترص دور صوغ قوانني عامة. ومل

التي تقوم بالتنظري يف املوضوع بوصفها فلسفة يف العلوم، بل أّدى

إىل تشكيل ما ميكن أن نعّده شكاًل مرشوًعا لألدلة واملعارف. وحتى

العلمية لتخصص العالقات الدولية انطلقوا الذين رفضوا املقاربات

من منوذج وضعي لدراسة العلوم.

ووايت، لكوريك وفًقا الدولية، العالقات تاريخ فإّن عليه، وبناًء

كان شديد االنقسام بشأن عدٍد كبري من القضايا شأنه شأن العلوم

االجتامعية؛ ومن الطرائق الرائجة يف رواية هذا التاريخ هي الرجوع

إىل الحوارات العظمى Great Debates. ويف هذا الصدد، يقول ويفر

جامعة يف السياسية العلوم قسم يف الدولية العالقات أستاذ اوله،

كوبنهاغن، إّن دارس العالقات الدولية إذا طُلب منه أن يتحدث ملدة

خمس عرشة دقيقة عن ماهية العالقات الدولية، فإنّه عىل الغالب

التي واملنهجية النظرية واملواجهات املناقشات تاريخ عن سيخربنا

تطرّق إليها علم السياسة، ونقاشاته املنهجية(3).

املثاليني والواقعيني. وأُطلق هذا العظيم األول بني الحوار لقد كان

الحوار عقب الحرب العاملية الثانية وخاللها وعقب انتهائها مبارشة.

إعادة صوغ واحتامل الدولية املؤسسات دور الجدل حول وتناول

أسباب الحرب وتكريس السالم.

إّن املساهمة األكرث دميومة للمثاليني يف تطوير حقل العالقات الدولية

كانت فكرة التخصص األكادميي الذي أنشأ دراسة السياسة الدولية؛

أساسيني مصدرين كانا التفاهم وعدم الجهل أّن املثاليون رأى إذ

أفضل بطريقة الدولية اإلجراءات فهم من بد وال الدويل. للرصاع

التقّدم أّن املثاليون واعتقد الحروب. اندالع من الحّد أُريد ما إذا

لن يكون ممكًنا إاّل إذا متكّنا من تطوير العقل، واستخدامه للتحّكم

يف الرغبات غري العقالنية وحالة الضعف التي تصيب البرش، وذروة

العقل البرشي يف التحّكم الفعال هي العلم.

املعرفة علمية مدى يف وشّككوا الطرح هذا الواقعيون نقد لكن،

املثالية غري املقاربة بالتحديد بتحّدي املثاليون. وقاموا أنتجها التي

الدولية. العالقات تخصص يف القيم تعزيز واملستهدفة النظامية

وقام كلٌّ من إدوارد كار وهانس مورغنثاو باتهام املثاليني برتكيزهم

عىل العامل وما ينبغي أن يكون عليه، مقارنًة بالتعامل مع العامل كام

هو موضوعيًا.

ويف الحقيقة، مل تكن تصورات مورغنثاو لتخصص العالقات الدولية

األمور لطريقة سري العميقة التفسريات من سلسلة بتقديم معنيّة

يف العامل، وإمّنا هدفت إىل صوغ األساليب وأمناط العمل يف التعامل

مع العامل، عىل أساس تفسريٍ بسيط. وأكّد رضورة إبعاد مقارباته يف

تقارن حديدية صارمة قوانني بناء محاوالت عن السياسية العلوم

بتلك التي اكتشفت بالعلوم الطبيعية.

إّن منزلة العلم كانت ذات أهمية يف الحوار العظيم الثاين استناًدا إىل

والتجارب اإلمربيقية املنهجية أعلت من شأن التي السلوكية الثورة

العالقات يف كوبنهاغن مدرسة يسّمى ملا الرئيسني املهندسني من واحــًدا 3 يُعّد الدولية، انظر:

Ole Waver, “The Sociology of a Not So International Discipline: American and European Developments in International Relations,” International Organization at fifty: Exploration and Contestation in the Study of World Politics, Vol. 5(, Issue (, (1998), p. 75.

Page 4: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 126

احتلت منهجيات جديدة وطّورت االجتامعية، العلوم يف املضبوطة

وسعى الصدارة. مركز الدولية لإلجراءات الرياضية النمذجة فيها

يف التحّكم إمكان يتبعه املعرفة يف تقّدم يجري أن إىل السلوكيون

يف الصارمة العملية خالل من للدراسة، القابلة الدولية الظواهر

تجميع البيانات. وظهرت طائفة من الباحثني األكادمييني العلميني يف

تخصص العالقات الدولية؛ أمثال ديفيد سنغر ومورتن كابالن، وعملت

هذه الطائفة عىل وضع طرائق علمية ونظامية يف التحقيق العلمي

أّن تخصص السلويك النهج مؤيّدو الدولية. ورأى العالقات لتخصص

منوذج يف نفسه بقولبة إاّل قدًما امليّض ميكنه ال الدولية العالقات

للعلوم الطبيعية.

يلتزمون الذين السلوكية مقاومة ضاربة عند أولئك البحوث أثارت

تأويليًا أو Historicist تاريخانيًا يكون أن إىل مياًل أكرث منوذًجا

بأّن كثريون جادل وقد الدولية. العالقات حقل يف Interpretive

من النوع بهذا التأثّر رسيعة تكن مل للتخصص األساسية املفاهيم

اإلجراءات الصارمة يف جمع البيانات التي دعا إليها النموذج الجديد،

ومن هؤالء هيديل بول وهانس مورغنثاو؛ إذ عّدا التحقيق العلمي

النظامي مختلًفا عن سيطرة هاجس جمع املعلومات ومعالجتها عىل

خطى الوضعيني.

أّما الحوار الثالث، فجرى يف سبعينيات القرن العرشين حيث أُطلق

عليه اسم الحوار بني النامذج (الواقعية، واملاركسية، والليربالية). وقد

أُبعد تخصص العالقات الدولية عن القضايا املنهجية الخاصة يف عقد

الستينيات من القرن املايض. ومل تكن مسألة العلم مكّونًا واضًحا لهذا

الحوار، ألّن إجامًعا حول االلتزام بالوضعية كان قد برز بدرجة كبرية.

أّما الحوار الرابع، فقد انبثق يف منتصف مثانينيات القرن العرشين.

التاريخ يف بالعلم املتعلقة القضايا عىل أكرث رصاحة بطريقة وركّز

التخصيص للعالقات الدولية. وميكن وصف هذا الحوار الرابع بالحوار

بني التفسري والفهم، بحيث يسعى املنظّرون التفسرييون إىل تعرّف

الفهم عىل تحليل يركّز مؤيّدو يف حني . Causes العامة املسببات

املعنى الداخيل واألسباب Reasons واملعتقدات التي تحملها الجهات

الفاعلة وتترصف وفًقا لها. وبناًء عليه، فإّن املعاين االجتامعية واللغة

األنطولوجي الجانب متثّل الفهم، منارصي إىل بالنسبة واملعتقدات

األكرث أهمية يف الوجود االجتامعي. يف حني ال يختلف منظّرو التفسري

هذه دمج بإمكان مقتنعني غري أنّهم إال عموًما. الزعم هذا عن

األشياء داخل إطاٍر علمي للتحليل؛ إذ تتطلب املعرفة العلمية تربيرًا

تجريبيًا بالنسبة إليهم، أّما املعتقدات واألفكار فليست قابلة للتحّقق

من صحتها من خالل هذه األساليب. وهناك من يطلق عىل الحوار

الرابع أيًضا الوضعية وما بعد الوضعية أو العقالنية والتأّملية.

ثانًيا. النقاشات الفكرية التقليدية في نظرية العالقات الدولية

الواقعية والواقعية البنيويةيف الوضعية النظريات هرم قمة عىل الواقعية النظريات ترتبع

تخصص العالقات الدولية. ويفرد الكتاب فصلني متتاليني للنظريات

يف مهمني مفكَرين ودراسة الكالسيكية بالواقعية فيبدأ الواقعية؛

هذه النظرية؛ هام ثيوسيدس (حواىل 60) – 390 ق. م) الذي قّدم

وصًفا عن الحروب البيلوبونيزية بني أثينا وأسربطة؛ واآلخر هو هانس

املتحدة الواليات إىل لجأ الذي األملاين واملحامي املفّكر مورغنثاو

خالل الحرب العاملية الثانية.

يحاول ريتشارد ند ليبو يف فصل الواقعية الكالسيكية البحث يف أوجه

التشابه العديدة يف كتابات كٍل من ثيوسيدس ومورغنثاو، ويستقي

إذ فيها؛ كالهام تشارَك التي السياسية للحياة الرتاجيدية النظرة

التي الدويل النظام طبيعة من الكالسيكية الواقعية منظّرو ينطلق

تعبري باملحصلة هي السياسة وأّن Anarchy الفوىض عليها تطغى

عن الدوافع البرشية نفسها، وأنّها عرضة لألمراض. ويرى مورغنثاو يف

كتابه Politics among Nations أّن السياسة رصاع عىل السلطة التي

هي جزء ال يتجزأ من الحياة ذاتها.

أساسية ركائز هي والتحالفات، العسكرية القدرات أّن إىل إضافًة

لألمن وحفظ توازن القوى الذي يؤدي وظيفة الحفاظ عىل الوضع

السلمي أو عىل وجود أعضاء النظام. لقد فهم ثيوسيدس ومورغنثاو

السياسة بأنّها رصاع عىل القوة وعىل املصالح األحادية الجانب. وكانت

الفروق بني السياسة املحلية والعالقات الدولية فروقًا يف الدرجة ال يف

النوع. وكانت القدرة العسكرية والتحالفات وسائل حامية رضورية

يف عامل العالقات الدولية املضطرب واملتقلّب.

ويف دراسته للواقعية الكالسيكية، تطرّق ريتشارد ند ليبو إىل جانب مهّم

هو الجانب األخالقي؛ فالتقيّد باملعايري األخالقية كان ملصلحة أولئك

الذين ميارسون السلطة، بقدر ما كان ملصلحة أولئك الذين متارَس عليهم

Page 5: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

127مراجعات وعروض كتب

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع

التدخل مورغنثاو نقد من خالل ذلك ويستدل عىل السلطة. هذه

األمرييك يف شبه جزيرة الهند الصينية؛ إذ جادل بأّن التدّخل سيفشل ألّن

غايات الواليات املتحدة األمريكية ووسائلها قد خرقت أخالقيات العرص.

ويعالج الواقعيون الكالسيكيون قضية التغيري من باب متييزهم بني

األنظمة عىل أساس قطبيتها؛ فهي أحادية وثنائية ومتعددة األقطاب.

ويظهر التغيري يف النظام حينام يتغري عدد األقطاب. وغالبًا ما يكون

هذا نتيجًة لحروب الهيمنة التي تقوم بها القوى الدولية. وبالنسبة

إىل الواقعيني الكالسيكيني، فإّن التحّول مفهوم أوسع من التغيري؛ إذ

تحوالت يجلب الذي بالتحديث نصفها أصبحنا بعملياٍت يربطونه

يف الهويّات والخطابات التي ترافقها مفاهيم متغرية تتعلق باألمن.

ومع الواقعية البنيوية أو الواقعية الجديدة، ركّز املفكر األمرييك جون

االنقسام ويكمن الواقعي. الفكر يف القوة مفهوم عىل ماريشامير

القوة؟ الدولة تريد ملاذا هو: سؤال، يف الواقعيني بني واالختالف

ويتحدد الجواب بالنسبة إىل الواقعيني الكالسيكيني أمثال مورغنثاو

أّن للطبيعة البنيويون الواقعيون البرشية. يف حني يرى الطبيعة يف

البرشية عالقة ضئيلة بسبب رغبة الدول يف امتالك القوة، يف حني أّن

البنايئ) هي التي تجرب الدول عىل بنية النظام الدويل (أو تصميمه

السعي إىل الحصول عىل القوة يف نظاٍم تغيب فيه السلطة املركزية.

ينتقل ماريشامير ليناقش االنقسام اآلخر بني الواقعيني البنيويني الذي يظهر

يف اإلجابة عن سؤاٍل ثاٍن، هو: ما هو مقدار القوة الذي يُعّد كافيًا للدولة؟

الواقعي. النموذج ضمن متنافسان نهجان يوجد السياق، هذا يف

Security Dilemma األمنية املعضلة افرتاضاته حول ولكٍل منهام

وتأثريها يف احتامالت الحرب، وإمكانية التعاون بني الدول يف سبيل

التخفيف من آثار الفوىض يف بنية النظام الدويل.

الواقعية الهجوميةتُعّد افرتاضات الواقعية الهجومية متشامئة بخصوص اآلثار املرتتبة عىل

الفوىض يف بنية النظام الدويل. وترى أّن املعضلة األمنية تتطلب من كّل

دولة أن تسعى إىل تحقيق أقىص قدٍر من القوة الخاصة بها. وال يقترص

هذا السعي عىل تعظيم أمنها بل يتعداه لتحقيق الهيمنة والسيطرة عىل

الدول األخرى، وذلك نتيجة طبيعية لعدم الثقة بنوايا الدول األخرى.

الواقعية الدفاعيةتشرتك مع الواقعية الهجومية يف أّن الفوضوية يف بنية النظام الدويل

من قدٍر لتحقيق والسعي األخرى الدول بنوايا الثقة عدم تفرض

العسكرية، التكنولوجيا مثل عديدة عوامل وجود يفرتض القوة

قد ما الحديثة، القومية واإلسرتاتيجية واملعتقدات، والجغرافيا،

يضاعف تكاليف الحرب الهجومية. ونتيجة لذلك، فإّن إسرتاتيجيات

الدفاع أكرث جاذبية للدول من إسرتاتيجيات الهجوم.

لكن هناك سؤال مل يطرحه الكتاب يف سياق دراسة الفكر الواقعي

منهًجا الواقعية النظرية زالت ما هل وهو: الدولية، العالقات يف

علميًا صالًحا لفهم الظواهر يف بنية النظام الدويل وتفسريها؟ أم أنّها

أصبحت تنتمي إىل عهٍد مىض وال تصلح لفهم التحوالت املتسارعة يف

بنية النظام الدويل وتفسريها؟

النظرية أّن إىل الدولية العالقات داريس من كبري عدٌد يذهب

الواقعية عفا عليها الزمن، ومل تعد صالحة بوصفها منهًجا علميًا يف

العالقات الدولية. وينطلق هؤالء من أّن مفاهيم الواقعية كالفوىض

Self- الذات عىل واالعتامد Balance of Power القوى وتوازن

حقبة إىل ترجع وتجلياتها، أبعادها بكّل Power والقوة Help

وظهرت ين. مستمرَّ وتحّول تغرّيٍ يف الدولية السياسة وأّن ماضية،

واملؤسساتية، واالعتامدية والعوملة كالدميقراطية جديدة، مفاهيم

تعزز السالم يف املجتمع الدويل. وبناًء عليه، فقدت الواقعية قدرتها

التفسرييةExplanatory power بعد الحرب الباردة. وهي اليوم يف

موقف دفاعي.

النموذج "انتكاس مقالته يف 1997 عام فاسكويز جون أثار لقد

الواقعية فقدان مسألة البحث" برامج تطور مواجهة يف الواقعي

النظام الدويل؛ إذ نقد فاسكويز التفسريية للظواهر يف بنية قدرتها

النهج الواقعي من خالل االعتامد عىل فلسفة امري الكاتوس، وهو

أحد أهم الفالسفة املعارصين يف مجال نظرية املعرفة وتاريخ العلم،

وصاحب الكتاب الشهري "منهجية برامج البحث العلمي".

إّن العنرص الرئيس يف فلسفة الكاتوس هو دور الفرضيات املساعدة

لالكاتوس، وفًقا وهي، hard core النظرية صلب إىل تُضاف التي

من وذلك العلمية؛ للنظرية أمان حزاَم تعمل التي الصلبة النواة

خالل وضع الباحثني فرضيات مساعدة جديدة تساعد يف الدفاع عن

صحة النظرية. ومبوجب ذلك تنتج افرتاضات جديدة تضاف إىل النواة

Page 6: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 128

(()Empirical الصلبة للنظرية من خالل استخدام التكذيب التجريبي

رفضوا الواقعيني أّن فاسكويز اّدعى لذلك ووفًقا Falsification

استخدام املنهج العلمي يف تقدير افرتاضات الواقعية مام جعلها ساكنة

وجامدة وغري قادرة عىل تفسري الظواهر يف بنية النظام الدويل(5).

الليبرالية والليبرالية الجديدةيعمل بروس راسيت يف تحليل النموذج الليربايل يف العالقات الدولية

دراسة خالل من فرضياتها إلثبات البيانية الرسوم استخدام عىل

العقود املايض، وبخاصة يف القرن العامل خالل الرئيسة يف التغريات

يف الطويل، املدى الرتاجع، عىل البيانية عىل الرسوم فتدّل األخرية؛

شاركت التي العنيفة الرصاعات عن الناجمة الحروب قتىل أعداد

فيها دولة واحدة أو أكرث. ويتضمن الرسم قتىل املعارك التي نجمت

ذات الداخلية والحروب األهلية والحروب الدول بني الحروب عن

من التحرر والعراق وحروب أفغانستان مثل حرب الدويل، الطابع

انخفاض يفرس منفرد سبب يوجد ال أنّه راسيت ويرى االستعامر.

عدد القتىل الناجم عن الرصاعات، إال أّن التطورات الكربى املرتبطة

بالليربالية يف حقبة ما بعد الحرب العاملية الثانية، ال سيام بعد انتهاء

الحرب الباردة وهي الدميقراطية واالعتامدية االقتصادية واملؤسسات

الدولية، ساهمت يف الحد من الرصاعات الدولية يف هذه الفرتة.

بعضها تحارب ال الدميقراطيات أّن افرتاض من الليربالية وتنطلق

الدميقراطيات بأّن الزعم ولكن الحروب. عىل قيًدا وتضع البعض

بصورة عامة أكرث سلمية فهذا يثري جداًل كبريًا، كام ذهب فرانسيس

فوكوياما يف وصفها بالعالقة املثالية؛ بحيث مل تخض دولة دميقراطية

إّن أطروحة ليفي يقول إّن جاك حربًا ضد دميقراطية أخرى(6). بل

السالم الدميقراطي هي القانون التجريبي يف دراسة العالقات الدولية.

مثال الواقعية النظرية أنصار يطرح ذلك، عىل الــرّد إطار ويف

الحديثة، الدميقراطية للدولة منوذًجا كانت التي (191() أملانيا

وحرية املتنافسة، واألحـــزاب النزيهة، االنتخابات خــالل من

ولكن، الكفاءة. من عالية درجة عىل والبريوقراطية، الصحافة،

تغرّيت أملانيا أّن وبريطانيا فرنسا رأت ،191( أغسطس آب/ بعد

أن ميكنها الدميقراطيات أّن افرتضنا وإذا سيئة. دميقراطية لتكون

4 Imre Lakatos, The Methodology of Scientific Research Programmes, (th edition (Cambridge: Press Syndicate of University of Cambridge, 199(), pp. (7 - 110.

5 John Vasquez, “The Realist Paradigm and Degenerative versus Progressive Research Programs; An Appraisal of Neo traditional Research on Waltz’s Balancing Proposition,” American Political Science Review, Vol. 91, No. (, (1997), p. 899.

6 Francis Fukuyama, “Liberal Democracy as a Global Phenomenon,” Political Science and Politics, Vol. ((, No. (, (1991), p. 66(.

الدول كّل وأصبحت األخــرى، الدميقراطيات مع سالم يف تعيش

دميقراطية، فستبقى بنية النظام الدويل فوضوية، ولن يتغري التفاعل

داخل السياسية بالتحوالت املختلفة الوحدات بني البنية هذه يف

يصبح قد الدويل النظام بنية يف مركزية سلطة غياب ففي الدول؛

"صديق اليوم عدّو الغد". أّما بالنسبة إىل أطروحة السالم الدميقراطي،

فريى كينيث والتز أّن معرفة أسباب الحرب أسهل من الحصول عىل

رشوط السالم، ألّن أسباب الحرب ال تكمن يف الدولة فقط أو يف بنية

النظام الدويل بل يف كليهام(7).

الجديدة الليربالية عىل اهتاممه فينصّب فوكر ستريلنغ جينفر أّما

وكيفية تحقيق التعاون فيام بني الدول والجهات األخرى الفاعلة يف

النظام الدويل. ويظهر التعاون الدويل عندما تُعّدل الدول سلوكياتها

تناقض ويف األخرى. للدول املتوقعة أو الفعلية التفضيالت لتالئم

مع الواقعية البنيوية، تُجادل الليربالية الجديدة بأّن هناك تطورات

تحقيق جعلت العرشين القرن خالل جرت محددة تاريخية

تاريخيًا. الحال عليه كانت ماّم نسبيًا أسهل اآلن الدويل التعاون

وقد كفلت هذه التطورات مناء املؤسسات الدولية بشكليها الرسمي

وغري الرسمي.

بأنّها والتز كينث وصفها (1970) له مقالة ففي االعتامدية، أّما

بنية يف الفاعلة والقوى املتحدة الواليات تستخدمها أيديولوجية

السياسة يف تحققها التي واملصالح املكاسب لتمويه الدويل النظام

والفقرية عىل الغنية والضعيفة، القوية الدول تبدو بحيث الدولية؛

حٍد سواء تخوض يف شبكة كثيفة من االعتامد املتبادل(8). كام أّن هناك

تجاهاًل آلثار عدم االنتظام الناجم عن االعتامدية؛ فبعض الفاعلني يف

بنية النظام الدويل يكسبون أقّل من فاعلني آخرين. إذا كنت تعتمد

أكرث عىل طرٍف آخر فهذا يعني أّن لديه املزيد من التأثري يف مصريك،

وتاريخ السياسة الخارجية األمريكية منذ الحرب العاملية الثانية حافل

باألمثلة عىل كيفية استخدام الواليات املتحدة االعتامدية، متفّوقة يف

األداء االقتصادي والعسكري، تحت عنوان التعاون. ولكن الهدف هو

تعزيز مصالحها السياسية واالقتصادية واألمنية.

المدرسة اإلنكليزيةتركّز املدرسة اإلنكليزية عىل مفاهيم الدميقراطية والتنظيم والقانون

واملجتمع الدويل والقيم املشرتكة للدول وكيفية تنظيم عالقاتها، وال

يقع يف دائرة اهتاممها خلق فرضيات قابلة لالختبار اإلمربيقي عن

سلوك الفاعلني يف بنية النظام الدويل، عىل خالف باقي النظريات.

7 KennethWaltz, “Structural Realism after the Cold War,” International Security, Vol. (5, No.1, ((000), p. 7.

8 Ibid., p. 16.

Page 7: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

129مراجعات وعروض كتب

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع

Inventing International وبعد مرور أكرث من عقد عىل نرش كتاب

Society "اخرتاع املجتمع الدويل" مل تبق املدرسة اإلنكليزية مهملة؛

فمن املؤرشات التي يقودها تيم دان، أستاذ العالقات الدولية والعلوم

للعالقات األوروبية املجلة ومحرر اكسرت جامعة يف االجتامعية

املؤثّرة، الدراسية الكتب ضمن اإلنكليزية املدرسة إدراج الدولية،

يف ظهر حولها النقاشات من كبري عدد إىل بالنسبة الحال وكذلك

مجالت ودوريات علمية رائدة يف مجال العالقات الدولية.

يوًما اإلنكليزية املدرسة تكن مل اسمها، به يوحي ما خالف وعىل

إنكليزية إىل هذا الحد؛ فهناك اهتامم كبري بأعاملها يف القارة األوروبية

اليوم والصني، ومتثّل والهند، وأسرتاليا، األمريكية، املتحدة والواليات

عىل حّد زعم دان مقاربة متميزة يف تخصص العالقات الدولية، عىل

الرغم من أّن هذه مل تكن حالها خالل الحوارات العظيمة املتعاقبة

(الواقعية، العرشين القرن سبعينيات يف املسيطرة النامذج بني

الواقعية بني دار الذي الحوار تبعها والتي واملاركسية)، والليربالية،

اإلنكليزية املدرسة منظرو ويرى الثامنينيات. يف ونّقادها الجديدة

جانب إىل الدولية العالقات تخصص يف متوسطًا موقًعا تحتل أنّها

السائد االتجاه لنظريات مفصل موقع هو املوقع وهذا البنائية.

املسيطر، كالواقعية الجديدة والليربالية الجديدة.

مقاربتهم يف التداخالت استحسنوا البنائيني أّن بالذكر، والجدير

العالقات الدولية مع مقاربة املدرسة اإلنكليزية. ويظهر ذلك يف كتاب

هيديل بُل تحت عنوان Anarchical Society "املجتمع الفوضوي" إذ

يؤكد بُل أّن املنظومة الدولية هي يف أصلها ميدان اجتامعي يجعل

الدول فاعلة ويكيّفها التباع قواعده ومواثيقه. ويرى كٌل من البنائية

املعرفة تعبري عن واملؤسسات هي املعايري أّن اإلنكليزية واملدرسة

والقيم املشرتكة.

النظرية الماركسية ومدرسة فرانكفورتالنقدية (مدرسة فرانكفورت) جوهريًا عن املاركسية والنظرية تتميز

النظامني الفكرينَي الليربايل والواقعي. وتركّز املاركسية والنظرية النقدية

وتشّكل الدولية. الظاهرة فهم يف واملادية االقتصادية العوامل عىل

املاركسية نظاًما فكريًا ضخاًم ومتنوًعا من البحوث األكادميية والنشاط

لذلك بدقة، كاماًل استعراضه الصعب من الذي التطبيقي السيايس

عىل والرتكيز املتنوع، الواقع لهذا خريطة رسم روبرت مارك يحاول

النقاط األبرز يف النموذج املاركيس، والبحث عن القاسم املشرتك فيه،

وهو الرغبة يف إعطاء تأويل نقدي للرأساملية التي تُفهم بكونها شكاًل

من أشكال الحياة االجتامعية جرى إنتاجه عرب التاريخ.

إّن اإلسهام الفكري املاركيس األكرث تأثريًا يف رصد السياسات الدولية

وتحليلها، ذلك الذي يهدف إىل التنظري حول الهرميات العوملية للقوة

والرثوة، مبا فيها نظريات اإلمربيالية. مل تكن الرأساملية بالنسبة إىل

ماركس ظاهرة محلية خالصة، محصورة بإحكام يف األوعية الجغرافية

للدول القومية الحديثة، بل إّن دينامياتها التوسعية قد فاضت عن

السياسية للسلطة الجغرايف النطاق عن وتباعدت الحدود تلك

املال رأس لقوى كانت ماركس، إىل بالنسبة الدولة. قاعدتها التي

االجتامعية آفاٌق عوملية منذ زمن طويل.

الكتّاب من جيٌل برز العرشين، القرن من املبكرة الحقبة خالل

الرتاكمية يف املتقدمة العمليات بأّن جادلوا الذين املاركسيني

التوسعية نحو الرئيسة الرأساملية البلدان تدفع كانت الرأساملية

االستعامرية الكولونيالية. ومن العوامل التي دفعت الرأساملية نحو

االستعامرية، البحث عن املواد الخام، واإلنتاج الفائض الذي يتطلب

هؤالء أشهر ومن الحاجة. عن الزائد والرتاكم أسواق، عن البحث

بوخارين؛ لوكسمبورغ، ورودلف هيلفردنغ، ونيكوالي الكتّاب روزا

املتقدمة الرأساملية البلدان أّن فكرة حول أفكارهم تالقت فقد

التوسع دعم إىل املال رأس تراكم برضورات مدفوعة تكون سوف

العاملي لتكتالتهم االحتكارية الكربى املكونة من رأس املال الصناعي

- املايل. وقد بدت الحرب العاملية األوىل تأكيًدا لذلك االتجاه.

يتعلق ما يف حاًدا نقًدا اإلمربيالية الكالسيكية النظريات واجهت

بتمثيلها نوًعا من نزعات الحتمية االقتصادية؛ أي فكرة أّن العمليات

املتأصلة يف االقتصاد هي املقرر األّويل للحياة االجتامعية والسياسية.

شكل يف املاركسية تصلّبت ما رسعان السيايس، املستوى وعىل

دغامئية ستالينية صارمة يف خدمة دولة الحزب الواحد، ما قاد إىل

كبت الخطاب النقدي. وقد نفهم من خالل هذا السياق التاريخي

إطار يف تأت مل التي فرانكفورت) (مدرسة النقدية النظرية تطور

Page 8: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 130

نقدها للرأساملية فحسب، بل يف إطار نقٍد مواٍز للوضعية والحتمية

االقتصادية بوصفهام طريقني لفهم الحياة االجتامعية.

الذين املنظرين من مجموعة إىل فرانكفورت مدرسة تعبري ويشري

ارتبطوا أصاًل مبعهد األبحاث االجتامعية يف جامعة فرانكفورت الذي

انطلق يف العرشينيات من القرن املايض. وعمل هؤالء املنظرون ضمن

روح النقد املاركيس وابتعدوا عن األشكال املاركسية األكرث قربًا من

االتجاه املاركيس السائد. وقد بدأ منظّران املناورات الريادية الفكرية

ملدرسة فرانكفورت، وهام: ماكس هوركهامير وثيودور أورنو.

السوفيايت االتحاد يف املاركسية أّن فرانكفورت مدرسة منظّرو رأى

بانشغال ذرًعا وضاقوا االقتصادية الحتمية يف عقيدة إىل تحّولت

التاريخي الــدور عىل وبالرتكيز باإلنتاج األرثوذكسية املاركسية

يف متشككني كانوا وقد الصناعية. العاملية الطبقة أو للربوليتاريا

إمكان التوّصل إىل أمناط املعرفة املثبتة موضوعيًا مبعزٍل مستقل عن

السياق االجتامعي، ومبعزل عن املامرسات واملعايري السائدة.

املرتبطة املوضوعية العلمية االدعاءات يف التشكيك إىل هذا وقاد

بأشكال الفلسفة الوضعية يف نظرية العالقات الدولية، ويف الحتمية

االقتصادية التي بُنيت عليها النظريات الكالسيكية املتعلقة باإلمربيالية

بدايات يف رائدة مساهامت وظهرت العاملية. املنظومة نظرية أو

أشيل ريتشارد أمثال مفكرين، من العرشين القرن من الثامنينيات

تأخذ العوملية للسياسة النقدية النظرية فمقاربة كوكس؛ وروبرت

منظوًرا عالئقيًا ذا طابع عمليايت، وتسعى من خالله إىل إظهار القوى

والنظم والدول، االجتامعية...) والحركات (الطبقات، االجتامعية

التاريخية. وتتّجه الهياكل العاملية مرتابطة مًعا يف كوكبة خاصة من

املقاربة إىل البحث يف الطرائق التي جرى فيها اجتامعيًا إنتاج هذه

الهياكل التاريخية مبا تتضّمنه من جوانب سياسية وثقافية واقتصادية،

الوكالء بتمكني الهياكل هذه بها تقوم التي املتنوعة الطرائق ويف

االجتامعيني املختلفني، ويف أنواع املقاومات التي تولّدها عالقات القوة.

ثالًثا. حوار ما بعد الوضعية

البنائية: جسر بين النظريات الوضعيةوما بعد الوضعية

تنظر البنائية للعالقات الدولية عىل أنّها بناء اجتامعي، متخذًة موقًفا

(املصلحة أساسية مفاهيم من الوضعية النظريات ملوقف مغايرًا

غري الفاعلة بالقوى البنائيون ويهتم والهوية). واألمن، القومية،

الدول، مثل املنظامت الحكومية وغري الحكومية، فضاًل عن تركيزهم

عىل العوامل املعرفية والذاتية التي تنتج من تفاعل هذه الوحدات

يف عالقاتها البينية.

وترى كارين فريك أستاذة العالقات الدولية يف جامعة سانت اندروز

النقد أشكال من شكل البنائية أّن الكتاب، من التاسع الفصل يف

يرفض إذ العلمي؛ لألسلوب بالجملة رفًضا تتضمن فهي للعقالنية

البنائيون االفرتاضات الوضعية بوجود قوانني أو "شبه" قوانني تحكم

الظاهرة االجتامعية والسياسية بعيدة عن إرادة الفاعل وقدرته عىل

التأثري يف املحيط، وترفض البنائية أيًضا افرتاضات الوضعية بإمكانية

الذات فصل أي السياسية؛ الظاهرة دراسة يف املوضوعية تحّقق

عن املوضوع.

اجتامعي؛ كائن اإلنسان أّن عىل للبنائية األسايس االفرتاض يقوم

مبعنى أنّه ال ميكن لنا أن نكون أناًسا دون عالقاتنا االجتامعية التي

كّونت الناس عىل ما هم عليه اآلن، ونحن نّكون العامل مبا نفعل. ويف

لتخصص البنائية قّدم من أّول انوف، نيكوالس كتب االتجاه، هذا

العالقات الدولية، كتابه World of our Making "عامل من صنعنا"

تفاعالتهم خالل من الناس صنع من واملجتمعات الدول إّن وقال

األفراد بأّن يتمثل البنائية جوهر فإّن هنا، ومن البناء. مع البينية

يصنعون املجتمع، واملجتمع يصنع األفراد. وهذا املحور ذو االتجاهني

أو العملية التبادلية بني املجتمع واألفراد، هو محور اهتامم البنائية

التي ال تُعّد نظرية وإمنا هي طريقة لدراسة العالقات االجتامعية(9).

وبناًء عليه، تحاول البنائية تسليط الضوء عىل ما أسامه أنطوين غدينز

بالثنائية؛ أي العالقة بني الفاعل Agent البنية، حيث ال يأخذ سلوك

الفاعل، ويكون الرتكيز البنى عىل الفاعل األهمية كاملة وال تطغى

نيكوالس أّن من الرغم وعىل بينهام. والتفاعل التبادل عملية عىل

9 Nicolas Onuf, World of Our Making: Rules and Rule in Social Theory and International Relations (Columbia: University of South Carolina Press, 1989), p. 93.

Page 9: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

131مراجعات وعروض كتب

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع

غالبًا فهي الدولية، العالقات لتخصص البنائية قّدم من أّول انوف

199( عام الشهرية مقالته كتب الذي فندت بألكسندر ترتبط ما

Anarchy "تحت عنوان "الفوىض هي ما تصنعه الدول من الفوىض

Is What State Make of It، حيث بدأ يف نقد الواقعية الجديدة

سوى خياًرا للدول يرتك ال عاملية سلطة غياب أّن زعمها بخاصة

من ممكن قدر أكرب عىل الحصول أجل من بينها فيام التنافس

املصالح من أجل البقاء. ومن هذا املنظور، وفًقا لفندت، فإّن هوية

الدول ومصالحها عىل حٍد سواء معطيات محددة وفًقا لتعريفها من

خالل بيئة الفوىض.

Social Theory of كتابه يف النظرية هــذه يف فندت توّسع

International Politics "نظرية اجتامعية يف السياسة الدولية" ما

البنيوية الواقعية يف والتز كينث أطروحة عنوان تذكّر إىل يقودنا

Theory of International Politics الدولية" السياسة "نظرية

من انطالقًا الدولية العالقات دراسة يف الوضعي التيار متثّل التي

الطبيعية؛ العلوم من مستوحاة ومنهجية إبستمولوجية فرضيات

القرن من السابع العقد من الثاين النصف والتز يف كتاب إذ ظهر

العرشين يف ذروة الجدل بني الواقعية الجديدة والليربالية الجديدة،

دراسة يف تعتقد التي الوضعية التيارات من هام الجدل وطرفا

الظاهرة السياسية دراسة علمية تقوم عىل املالحظة والتجريب، ويف

إمكانية فصل الذات عن املوضوع. يف حني جاء كتاب فندت رًدا عىل

النظرية الواقعية وتأكيده مسائل عديدة، من بينها الهوية والعالقة

بني الفاعل والبناء، والتي أصبحت تُعرف يف حقل العالقات الدولية

.(10) Agent-Structure debate "بجدل "الفاعل – البناء

النظريات النسويةأواخر يف الدولية العالقات تخصص يف النسوية النظريات ظهرت

الثامنينيات من القرن العرشين. وتنطلق هذه النظريات من زعم أنّه

ال ميكن التوصل إىل فهٍم كيّل للتأثري التمييزي لنظام الدولة واالقتصاد

العاملي يف حياة النساء والرجال إاّل من خالل تقديم تحليل الجندر

املبنية اجتامعيًا تصف الخصائص بأنّه مجموعة من الذي يعرّفونه

أعاد نسويّو تخصص لقد والنساء. الرجال أن يكون عليه ما يجب

العالقات الدولية تفّحص بعض املفاهيم األساسية يف املجال بأسلوب

االنتباه لفت إىل واألمن. وسعوا والدولة السيادة كمفاهيم نقدي،

واالقتصاد الدولية السياسة يف الجندرية والتبعية املرأة إىل حجب

للعلوم مجلة جامعة دمشق الدولية"، العالقات البنائية يف "النظرية 10 خالد املرصي، االقتصادية والقانونية، مج 30، العدد الثاين، ()01))، ص 1)3.

العاملي. وكغريها من النظريات ما بعد الوضعية، شّككت يف األسس

عليه تسيطر كانت ملجال ســواء، حدٍّ عىل والوجودية املعرفية

النظريات الوضعية والعقالنية واملادية، ورفضت املنهجيات العقالنية

والتفسريات السببية. وساهمت النظرية النسوية يف تخصص العالقات

األخرية. العرشين السنني عرب العاملية للسياسة فهمنا يف الدولية

وأبرزت النساء، وحققت يف الهياكل الجندرية للمفاهيم والسياسات

الدولية، وشككت يف طبيعة الفئات الجندرية التي تُشّكل السياسة

العاملية، وتتشكل منها.

ويشريون والقوة. املعرفة بني العالقة دراسة النسويون عىل ويركّز

إىل أّن معظم املعرفة كّونه الرجال ويتعلق بهم. وينزّلون العالقات

االجتامعية يف دراسة العالقات الدولية منزلة خاصة، وبداًل من الرتكيز

عىل الفوىض يف وصف بنية النظام الدويل، فإّن النظرية النسوية ترى

أّن النظام الدويل تشّكل من خالل تسلسالت هرمية جندرية مبنية

اجتامعيًا تساهم يف التبعية الجندرية. ويف سبيل الكشف عن هذه

النسويون تفحصاتهم للعالقات الجندرية، يبدأ الهرمية التسلسالت

الدولية عىل املستوى الجزيئ، وذلك يف محاولة فهم كيف تؤثّر حياة

األفراد خصوًصا املهمشني يف السياسة العوملية، وتتأثّر بها.

ما بعد البنيوية وما بعد االستعماريةمن خالل الجديدة والواقعية الواقعية النظرية انتقادات بناًء عىل

دراسات كٍل من ريتشارد أشيل ومايكل شابريو وجيمس دريان وروب

ب. ووكر، ظهر توّجه ما بعد البنيوية يف تخصص العالقات الدولية يف

مثانينيات القرن العرشين. ما دفع هذه املساهامت إلدراك ما شهدته

فروع املعرفة األخرى يف العلوم االجتامعية واإلنسانيات من حوارات

إىل السعي تّم لذلك العامل. املعرفة عن بُنيت بكيف تتعلق مهمة

التخصصات، وذلك املتعدد بسياقه الدولية العالقات ربط تخصص

Page 10: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 132

من الهدف يكن ومل للنظرية. جديدة مصادر تقديم طريق عن

ذلك نظريًا رصفًا، بل من منطلق أّن الواقعية والواقعية الجديدة قد

هّمشتا أهمية الجهات الفاعلة والقضايا والعالقات الجديدة العابرة

للحدود الوطنية، وفشلتا يف أن تسمعا أصوات املستثنني واملنظورات

املستثناة. وهكذا، بدأ ما بعد البنيوية باهتامم أخالقي يشمل أولئك

الذين تجاهلهم التيار الرئيس يف تخصص العالقات الدولية.

إّن ما بعد البنيوية ليس منوذًجا أو نظرية للعالقات الدولية، بحسب

وصف ديفيد كامبل، إمّنا هو توّجه فكري نقدي، أو مقاربة نقدية، أو

روح أخالقية نقدية توّجه أنظارنا نحو أهمية التمثيل، والعالقة بني

القوة واملعرفة، وسياسة الهوية يف فهم الشؤون العوملية. ويعني هذا

أّن ما بعد البنيوية ال ينسجم مع وجهة النظر التقليدية التي تفرتض

معيارية فكرية بنامذج يتميز تخصص مجال الدولية العالقات أّن

مختلفة تتنافس يف حوارات عظمى. وهو يُرّوج ملجموعة جديدة من

األسئلة واالهتاممات، لكونه توّجًها نقديًا وليس نظرية.

لذا، فإّن ما بعد البنيوية مقاربة تنتج من حوارات مسبقة وممتدة

بعد ما لنظرية مامثلة بطريقة االجتامعية، والعلوم اإلنسانيات يف

األوروبية، اإلمربيالية إبطال موروثات التي تعمل عىل االستعامرية

حيث تشري ما بعد االستعامرية إىل أّن املعرفة، أو ما يقال عنه إنّه

معرفة، ليس تصوًرا كاماًل للحوادث البتة، وميكن غالبًا فهم الفجوات

بني ما قيل إنّه حصل وما حصل بالفعل من خالل فحص كيف شّكلت

الهياكل اإلمربيالية واالستعامرية مؤسسات البحوث األكادميية. لهذا

تُجادل ما بعد الرأساملية يف صحة األفكار والعموميات املبتذلة التي

العامة عىل والخطابات األكادميية الخطابات يف رسميًا اليوم تظهر

ويشّكك السابقة، االستعامرية التوسعات عن خبرية" "معارف أنّها

منظرو ما بعد االستعامرية يف الدراسات اإلثنية وتصوراتها ملفاهيم

الثقافات والطقوس والهياكل االجتامعية التي اكتشفها اإلثنوغرافيون

متضاربًا كان الذي الطبقي تفكريهم أظهرت ألنّها االستعامريون،

تحافظ عىل االستعامرية بعد ما أّن كان موجوًدا. واملالحظ ما مع

مواقفها املتساوقة تجاه السياسة، وال متيّز هذه املواقف بني املجال

القوى فشل تدرك الدويل، املجال ففي والدويل؛ والقومي املحيل

االستعامرية يف دمج الدول املتحررة من االستعامر يف عمليات صنع

القرار الخاصة باملنظومة الدولية.

النظرية الخضراءعىل الرغم من أّن املشكالت البيئية مل تكن محّل دراسة وبحث يف

تخصص العالقات الدولية الذي ركّز تقليديًا عىل قضايا األمن والرصاع

العلوم البيئية بْصمتها عىل معظم فروع الدول، تَركت املسائل بني

النسوية؛ فمع االجتامعية واإلنسانيات، شأنها يف ذلك شأن املسائل

النظريات من مجموعة ظهرت العرشين القرن من األخري العقد

لتخصص األساسية االفرتاضات بعض يف شّككت التي الخرضاء

(الجهل) العمى يسمى ما إظهار يف وساهمت الدولية، العالقات

الدولية، وذلك من خالل استنادها إىل البيئي عند نظرية العالقات

خطابات خرضاء من خارج تخصص العالقات الدولية.

استندت النظريات الخرضاء إىل االقتصاد السيايس الدويل ونظريات

وراجعتها الكوزموبوليايت التوّجه ذات املعيارية الدولية العالقات

التقليدية الفهم أشكال تحّدت بحيث توسعتها؛ ونجحت يف نقديًا

البيئي األمن حول بخطابات الدولية والعدالة والتنمية لألمن،

االهتاممات عن وعــرّبت البيئية. والعدالة املستدامة والتنمية

املتداخلة للحركات االجتامعية الجديدة (كالبيئة، والسالم، ومناهضة

السياسة الخرضاء، التي شّكلت النسوية) النووية، والشؤون الطاقة

وكانت مقدمة لتشكيل أحزاب جديدة يف الثامنينيات.

ميكن القول إّن أّول موجة من النظريات السياسية الخرضاء قّدمت

نقًدا للرأساملية الغربية والشيوعية ذات الطراز السوفيايت اللتني عّدتا

شكلني مختلفني جوهريًا من أشكال األيديولوجية الصناعية الشاملة

بالطبيعة للبرشية األداتية العالقة النظريات تلك وانتقدت نفسها.

أشكال من وعدًدا األصيلة الشعوب تبعية وانتقدت البرشية، غري

فكرة يف التشكيك إىل الخرض املنظرون ودعا التقليدية. الزراعة

البرش بأّن التي تقول البرشية الشوفينية أو التمحور حول اإلنسان

هم قمة سلسلة التطور، وأنّهم مركز القيمة واملعنى يف العامل، يف حني

تبّنى الخرض فلسفة تتمركز حول البيئة وتسعى الحرتام أشكال الحياة

من حيث أمناط وجودها املميزة الخاصة بها.

السياسيني الخرض بخصوص فهم املنظّرين ويبقى هناك خالٌف بني

السياسة الخرضاء بوصفها مناهضة للحداثة، أو ما بعد حداثية، أو

الثانية املوجة أّن يف ال شك انعكاسية. أكرث حداثة إىل تسعى أنّها

للنظرية السياسية الخرضاء يف أواسط التسعينيات وما بعدها كانت

Page 11: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

133مراجعات وعروض كتب

نظريات العالقات الدولية: التخصص والتنوع

أقل انشغااًل باالنعكاس الفلسفي النقدي عىل موقف البرشية تجاه

العامل غري البرشي، وأكرث اهتامًما باستكشاف العوامل التي قد تُحّسن

لدى تبادليًا البيئة مع املتفاعل االنعكايس التحديث عىل القدرة

املواطنني، والقائم عىل تحويل الدول ونظام الدول إىل الدميقراطية؛

ما يسفر عن رأساملية عوملية مقيدة بشكل أكرب من الناحية البيئية،

ومجتمعات ودول يف عامل املخاطر البيئية املتصاعدة واملنترشة.

رابًعا. مسـألة التخصصفي العالقات الدولية

بالنظرية دامئًا مرهون الدولية العالقات نظرية عن نعرفه ما إّن

معرفة عىل ونحصل النظرية نحذف أن ميكن فال املستخدمة؛

نقية عن الواقع. لذا ال ميكن للمرء أن يتعرف إىل العالقات الدولية

بوصفها مامرسة إال عندما يتعرف إىل تخصص العالقات الدولية. وال

يفهم إاّل عندما الدولية منفصلة العالقات يعرف نظريات تخصص

مدى تأثري هذه النظريات. ما يساعد، وفًقا ألوليه وايفر يف اإلجابة

عن معضلة يف الكتاب؛ وهي: بأّي معنى ميكن عّد هذه النظريات

املختلفة نظريات يف تخصص العالقات الدولية؟ فالبعض منها وافد

والليربالية الليربالية، (كالنظرية االقتصاد من أخرى حقول من

ومن االستعامرية)، بعد (ما الثقافية الدراسات ومن الجديدة)،

الفلسفة (ما بعد البنيوية)، ومن االقتصاد السيايس (املاركسية)، ومن

مصادر متنوعة (النسوية)، حتى إّن بعض النظريات يخالف تخصص

الدولية العالقات تخصص يف نظريات فهل هي الدولية. العالقات

عىل الرغم من ذلك؟

وبناًء عليه، يحتاج التخصص إىل أمرين من أجل أن يكون له وجود،

هام: -1 موضوع واضح ومتميّز، أو -) االتفاق حول التعريف. ورمبا

توجد التخصصات إّن أي األوىل، هي انتشاًرا األكرث النظر وجهة

بسبب وجود موضوعها، وبقدر ما هو موجود. فهنالك مثاًل كائنات

حية يف الوجود، وهناك علم األحياء، وهنالك اقتصاد وعلم االقتصاد،

ويوجد ناس يعانون اضطرابات نفسية وهنالك علم النفس. ولكن،

وفًقا مليشال فوكو، ال تعكس التخصصات صورة املوضوعات املحددة؛

مستقلني موضوعني بوصفهام النفس أو االقتصاد عن فمفهومنا

ويستبدل فقط الزمان من معينة مرحلة يف يشّكل ومتميزين،

الطرائق األخرى يف وصف العامل ومتييزه.

أّما املوقف الثاين املرتبط باالتفاق حول التعريف، فيحتاج إىل إجامع

عىل الرأي الذي وفًقا له يوجد املوضوع. وقد يبدو أّن املقدرة عىل

االستمرار يف توليد توافق يف الرأي يف مجتمع من الباحثني هي املفتاح

لوجود التخصص وبقائه. إال أّن هذا املوقف من الناحية اإلمربيقية ال

يرتكز عىل أسس صلبة متاًما، كام هو املوقف األول.

ويأيت وايفر مبقاربة ثالثة غائبة عن نقاشات التخصص، وهي تصّور

مفاهيمي للتخصص بكونه يركّز عىل القوة واملؤسسات. ومن خالل

حقيقيًا كونه الدولية العالقات تخصص رؤية ميكن املقاربة هذه

العالقات (مامرسة غياب موضوع واضح ومحدد ومتكاثرًا حتى يف

الدولية)، العالقات (تخصص مشرتك اتفاق غياب ويف الدولية)،

ويصبح هذا األمر واضًحا من خالل إلقاء نظرة رسيعة، سوسيولوجية

وخارجية عىل نشاط باحثي العالقات الدولية.

غالبًا ما يُنظر إىل تخصص العالقات الدولية عىل أنّه تخصٌص فرعي

باستقالليته الدولية العالقات تخصص ويتميز السياسة. علم من

التخصصية؛ بحيث انبثق له مختصون ومؤسسات منفصلة مستقلة

جزئيًا عن علم السياسة خصوًصا يف القارة األوروبية. ومن املؤسسات

ونظريتها ،ISA الدولية الدراسات جمعية املجال: هذا يف الرائدة

من عدًدا الدولية العالقات لتخصص أّن كام ،BISA الربيطانية

املجالت األكادميية واملنظامت واملؤمترات املستقلة الخاصة به؛ مبعنى

أّن له هياكل اجتامعية وأخرى فكرية. وتتضمن الهياكل االجتامعية

مؤسسات تبدأ من تلك املنظمة الرسمية والكبرية املمثلة باألكادمييات،

إىل تلك األصغر التي غالبًا ما تكون غري رسمية؛ كإجراءات التحكيم يف

أشهر املجالت األكادميية. أّما الهياكل الفكرية فهي تشتمل عىل كيفية

تشتمل أّي حٍد إىل أي ببعضها؛ بالتخصص املتعلقة املعرفة ارتباط

النظريات الشمولية أو النامذج املعيارية الشمولية عىل املساهامت

املختلفة أو توّحدها من خالل طرائق أو أساليب واضحة؟ وما هي

درجة التنبؤ املتاحة ملامريس املهنة حتى يتوقعوا إن كانت أعاملهم

ستحتسب إضافة جديدة وذات معنى؟

Page 12: عونتلاو صصختلا :ةيلودلا تاقلاعلا تايرظن · 20 fiffThflffi 2016 ةيلو / دليا. 124 ةمدقملا. مهف لىع زّكري عرفتمو دّقعم

العدد 20

أيار / مايو 2016 134

خاتمةإضافة والتنوع" التخصص الدولية العالقات "نظريات كتاب يُعّد

يف الدولية العالقات تخصص يف العربية للمكتبة ومهمة جوهرية

العريب املركز بها يضطلع التي واألكادميية الفكرية الرسالة إطار

إذ العلمي والبحثي؛ السياسات، ويف إطار نشاطه لألبحاث ودراسة

العالقات يتناول نظرية الذي العربية املكتبة الكتاب األول يف يعّد

الدولية بالرشح والتفصيل؛ فمن حيث املحتوى، يرصد الكتاب أغلب

تساعد التي والوسائل األدوات ويتيح الدولية، العالقات نظريات

تفسري عىل قدراته وتعزيز فهمه تطوير يف الطالب أو الباحث

العالقات نظريات كتاب ليصبح أبعادها، بجميع الدولية الظاهرة

الدولية دلياًل يرشد الباحث إىل التفكري يف األسئلة الراهنة التي تهيمن

كّل بداية الشكل، ففي أّما من حيث الدولية. العالقات عىل حقل

فصل من الكتاب يجد القارئ دلياًل ميّهد للمواضيع والقضايا، فضاًل

للنظرية الكتاب األفكار املحددة التحليل؛ بحيث يدرس معّدو عن

حالة"، "دراسة بوجود الكتاب ويتميز والدراسة. البحث موضوع

نهاية كّل والتطبيق. ويف النظرية الربط بني الطلبة عىل ما يساعد

متثّل وقوائم املراجعات من الباحث مبجموعٍة الكتاب يزّود فصل،

دلياًل إرشاديًا لكتٍب تُعّد أمهات الكتب يف تخصص العالقات الدولية،

الدولية، ما العالقات ومواقع إلكرتونية مفيدة وجوهرية يف نظرية

يوّسع معارف الباحث يف مجال النظرية باألدبيات الفكرية املتاحة.